السؤال
أنا فتاة تونسية أبلغ من العمر 25 سنة لي أخت و ثلاث إخوة ذكور وكلنا تجاوزنا سن العشرين توفيت أمي سنة 1984 وورثنا عنها مبلغا من المال قسم علينا بالتساوي وبما أننا كنا قصّرا فقد صدر قرار من وكيل الجمهورية بأن يفتح لنا أبي حسابات ادخار وحوّل مبلغ 955 دينارا لكل حساب لم يكن بإمكان أبي أن يأخذ هذا المبلغ مباشرة أو حتى أن يتصرف فيه إلا بأمر من وكيل الجمهورية ولا أعرف بالتحديد ما هي العمليات التي كان سيسمح له القيام بها والآن لي ولكل واحد من إخوتي 2780 دينارا في دفتر الادخار وذلك طبعا بسبب تراكم الفوائد البنكية منذ تاريخ فتح حسابات الادخار أي سنة 1985، فكيف أتصرّف في هذا المال هل علي التخلص من هذه الفوائد هل بالإمكان دفع هذه الفوائد لخلاص فائض قرض بنكي أخذه أبي هل عليّ إخراج الزكاة على السنوات التي فاتت وكم يبلغ النصاب في ذلك الوقت، أرجو أن تتمكنوا من مدي بالجواب في أسرع وقت ممكن فأنا منذ عرفت هذا الخبر أي منذ أسبوع تقريبا وأنا لا أنفك عن التفكير في هذا الموضوع ولم أجد من يمدني بالحل المناسب.
شكرا لكم جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على الأوصياء وأولياء الأيتام أن يتصرفوا في أموالهم وفق الشريعة الإسلامية بأن يستثمروها لهم في مؤسسات لا تتعامل بالربا والحرام، وأن يخرجوا منها الزكاة إذا بلغت النصاب. فقد روى مالك في الموطإ أن عمر رضي الله عنه كان يقول لأولياء اليتامى: اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة.
وما حصل من الزيادة عن رأس مالكم من الفوائد الربوية يعتبر حراما ـ كما أشرت إليه ـ ويجب التخلص منه وصرفه في المصالح العامة. وإذا كان أبوكم مدينا ولم يستطع الوفاء بدينه أو التخلص منه إن كان للبنك الربوي فبالإمكان أن تدفعوا إليه هذه الفوائد ليخلص نفسه من ورطة البنك على أن يجدد التوبة ويعقد العزم على ألا يعود إلى التعامل بالربا.
وإذا كان رأس مال كل واحد منكم يبلغ النصاب بنفسه أو بما انضم إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة هي ملك له، فالواجب عليكم أداء زكاته عن السنوات الماضية، ومقدار النصاب قيمة خمس وثمانين غراما من الذهب، ومقدار الزكاة ربع العشر ( 2،5%)
كما ننبه السائلة الكريمة إلى أن القسمة الشرعية لتركة الأب أو الأم أن يكون للذكر من الأبناء ضعف نصيب الأنثى منهم؛ كما قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}. وذلك طبعا بعد أن تأخذ زوجة الأب الثمن الذي هو فرضها في هذه الحالة؛ كما قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ {النساء: 12}. كما نشكرها على اهتمامها بدينها والسؤال عما أشكل عليها. ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياها، وييسر لها كل أمرها. وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية: 56046 ، 55135 ، 10817.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.