السؤال
طلقت زوجتي طلقة ثانية رجعية ولأنها أتت بشيء فاحش (معاكسة) أمرتها أن تخرج إلى بيت أهلها فورا وأثناء وجودها في العدة أخذت أمها تبحث لها عن أزواج وتستقبل الخطاب وتواعدهم خيرا وقد أفسدت عليّ المرأة بهذا التصرف فأنا أثناء هذه العدة يحق لي أن أرجعها في أي وقت برضاها ... فهل أم هذه الزوجة آثمة على هذا التصرف ؟
وما واجبي تجاههم؟ طالما أني أريد إرجاعها ؟ وهل يجوز لي الحديث مع زوجتي بالهاتف لأتفاهم معها ؟ خاصة وأن أم زوجتي تقول هي الآن ليست محرما لك ولا يجوز لك الحديث معها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الطلاق الذي صدر منك لزوجتك طلاقا رجعيا فيجوز لك أن ترتجع زوجتك ما دامت في العدة من غير حاجة إلى رضاها أو رضا أحد من أهلها، لقول الله تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ {البقرة: 227}.
قال القرطبي في تفسيره: أجمع العلماء على أن الحر إذا طلق زوجته الحرة وكانت مدخولا بها تطليقة أو تطليقتين أنه أحق برجعتها ما لم تنقض عدتها؛ وإن كرهت المرأة. والرجعة تكون بالقول؛ كقول الرجل لزوجته: راجعتك أو ارتجعتك أو نحوه، وأما الرجعة بالفعل كالوطء وما دونه فالجمهور على صحته بذلك إن قرن بنية.
هذا فيما يتعلق بحكم ارتجاعك لهذه المرأة.
أما بخصوص ما تقوم به هذه المرأة وأمها فلا شك أنهما آثمتان بذلك، لأن العلماء أجمعوا على حرمة التعريض للرجعية فضلا عن التصريح لها، وذلك لأنها في حكم الزوجة.
قال الخرشي: ولا يجوز التعريض لخطبة الرجعية إجماعا لأنها كالزوجة.
وقال صاحب شرح منتهى الإرادات: ويحرم تعريض بخطبة رجعية. لأنها في حكم الزوجات أشبهت التي في صلب النكاح. اهـ.
وعليه، فما دامت هذه المرأة في العدة والطلاق رجعي جاز لك ردها إلى عصمتك، وإن لم تكن راضية بذلك أو أهلها.
ويجب على المرأة أن تطيعك في الرجوع إلى بيتك، وعلى أمها أن تتقي الله تعالى، وتكف عن السعي في الإفساد بينك وبين زوجتك؛ لأنها بذلك تصبح مخببة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. رواه أحمد وأبو داود.
هذا هو الحكم الشرعي من حيث العموم، إلا أننا ننصحك بالنظر فيما وقعت فيه هذه المرأة من معاكسة الرجال، فإن كان ذلك زلة لم تعتدها وتؤمل إصلاحها فالأفضل أن تراجعها، أما إذا كانت هذه المعاكسات أصبحت سجية لها يُخْشَى منها أن تؤدي بها إلى الوقوع في الفاحشة، وإفساد فراشك، وتلويث سمعتك، فالأفضل لك أن تفارقها، والله يعوضك خيرا منها، وراجع الفتوى رقم: 8013.
وفي حالة كون هذه المعاكسة منها زلة ويرجى إصلاحها فينبغي أن يعالَج الأمر بحكمة بما يضمن رجوعها إلى بيتك عن طريق التفاهم وتوسيط الأهل والأقارب ما دام ذلك ممكنا، وإلا فالمحاكم الشرعية هي الفيصل في كل نزاع.
والله أعلم.