السؤال
هل الذهاب للطبيب وأخذ الدواء فرض، هل من الأولى إذا مرض الإنسان (مرض قلب أو سرطان أو..... ) أن يترك المبلغ للأهل عوضا عن دفعه للعلاج حيث إن الأعمار بيد الله مقدرة مسبقا والعلاج لن يؤخر أو يقدم في وقت الوفاة، أم أن عدم العلاج مع القدرة يعتبر انتحارا، (بادرني عبدي)؟ أرجو الإجابة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن التداوي وطلب العلاج مشروع أو مستحب في الأصل، وليس بواجب إلا إذا كان بالإنسان مرض وعلم أن تركه للدواء يؤدي إلى التلف والهلاك، وأن علاجه يؤدي إلى السلامة والشفاء، فقد قال أهل العلم: يجب عليه التداوي، لقول الله تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29}، وقوله تعالى: وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ {البقرة:195}.
وترك الدواء في هذه الحالة لا يعتبر انتحاراً، فقد جاء في الموسوعة الفقهية: الامتناع من التداوي في حالة المرض لا يعتبر انتحاراً عند عامة الفقهاء...
وأما حديث (بادرني عبدي..) فهذا فيمن فعل ذلك بنفسه، كما في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات.
وأما ترك الدواء لأجل توفير المال أو لأن التداوي ينافي التوكل على الله تعالى فغير صحيح لأن حفظ النفس مقدم على المال فيضحى به من أجلها، فحفظ النفس يأتي في الترتيب بعد حفظ الدين مباشرة، ولهذا فلا ينبغي ترك العلاج من أجل توفير المال.
وتناول الدواء واستخدام العلاج والرقية الشرعية لا يتنافى مع التوكل على الله تعالى والاعتماد عليه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد المتوكلين يتعاطى الأسباب ويستعمل الرقى ويأمر بالتداوي ويقول: يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء... الحديث رواه الترمذي.
وإذا كانت الأعمار بيد الله تعالى وبقدره فإن الدواء والعلاج واتخاذ الأسباب من قدر الله أيضاً، كما روى ابن حبان في صحيحه وغيره عن كعب مالك عن أبيه أنه قال: يا رسول الله أرأيت دواء نتداوى به، ورقى نسترقي بها، وأشياء نفعلها هل ترد من قدر الله؟ قال: يا كعب بل هي من قدر الله.
وقال أهل العلم النتائج من قدر الله والأسباب من قدر الله، ولا يحل التوكل على الأسباب والاعتماد عليها بل هو شرك، ولا يحل تركها بل هو معصية، وعلى المسلم أن يباشر الأسباب وهو يعلم أن النتائج من قدر الله تعالى، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 30645، والفتوى رقم: 12186.
والله أعلم.