السؤال
سألني صديق قال لي: إنه كان مع مجموعة من أصدقائه على ضفة سد أي نهر وبينما هم ينوون أن يصطادوا السمك إذ بهم عند مقبرة وقد كان النهر قد غطاها في زمن مضى والآن قد زاح عنها الماء وكل الموتى المدفونون بها قد أخرجوا على سطح الأرض قرابة 60 هيكلا عظميا بشريا وقد استفسروا لدى السلطات فلم يبالوا بالأمر (الدرك الوطني)، فسألوا أحد الأئمة فأفتاهم بوجوب دفن هذه الهياكل، وقد ذهبوا ثلاثتهم إلى مكان المقبرة القديمة في يوم جمعة وقد أضاعوا صلاة الجمعة، فسؤالي كالآتي: هل ما فعلوه هو الصواب أي بدفنهم الهياكل، وهل هم آثمون لتركهم صلاة الجمعة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على من وجد ميتاً غير مدفون أو بعضاً من ميت أن يغسله ويكفنه ويصلي عليه، إذا لم يكن ذلك فعل به من قبل ثم يدفنه، قال البهوتي في كشاف القناع: (وإن وجد بعض ميت تحقيقاً) أي: يقينا أنه من ميت (غير شعر وظفر، وسن غسل وكفن، وصلي عليه، ودفن وجوبا) لأن أبا أيوب صلى على رجل. قاله أحمد. وصلى عمر على عظام بالشام..... ومحل وجوب الصلاة على ذلك البعض إن لم يكن صلي على جملته...
وهذا كله إذا كان الميت مسلماً، وأما لو كان كافراً فإنه يترك لأهل ملته، فإن لم يوجد من الكفار من يفعل له ذلك واراه المسلمون في التراب بعد أن يلفوه في شيء، ففي المدونة قال مالك: لا يغسل المسلم أباه الكافر ولا يتبعه ولا يدخله قبره إلا أن يخاف عليه أن يضيع فليواره. قال مالك: وكذلك إذا مات كافر بين مسلمين ولا كافر معهم لفوه في شيء وواروه.
وعليه؛ فما فعله أولئك النفر من دفن تلك الهياكل هو الصواب، وأما تركهم صلاة الجمعة فهو خطأ كبير، فصلاة الجمعة أمرها عظيم، وفضلها كبير، والتخلف عنها لغير عذر شرعي جرم جسيم، ويترتب عليه إثم كبير، فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول وهو على أعواد منبره: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين.
وفي المسند والسنن أنه صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاوناً من غير عذر طبع الله تبارك وتعالى على قلبه.
ولا يمكن القول بأن موضوع الدفن عذر يبيح التخلف عن الجمعة، لأنه كان في الإمكان الجمع بين الدفن وصلاة الجمعة، فعلى أولئك النفر أن يتوبوا مما حصل، ولا يعودوا لمثله.
والله أعلم.