السؤال
سؤالي هو أن والدي يمنعني من قراءة واقتناء الكتب الدينية ويقول لي لا تتشدد في الدين ويقول لي أنت اختصاصك كمبيوتر وليس الدين، ويقول إن هنالك الكثيرين في هذا الأختصاص وقال بصحيح العبارة (بكثر القمامة) في الفصحى ماذا أفعل؟
وجزاكم الله خيراً.
سؤالي هو أن والدي يمنعني من قراءة واقتناء الكتب الدينية ويقول لي لا تتشدد في الدين ويقول لي أنت اختصاصك كمبيوتر وليس الدين، ويقول إن هنالك الكثيرين في هذا الأختصاص وقال بصحيح العبارة (بكثر القمامة) في الفصحى ماذا أفعل؟
وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على تعلم أمر دينك وبارك فيك ونفع بك، وأما منع والدك إياك ونهيه لك عن أمور الدين والتفقه فيها، فإنه عمل غير صالح، لأن تعلم العلم الشرعي والتفقه في الدين من أفضل ما يعمر به المرء وقته ويشغل به نفسه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين. متفق عليه.
وقال: من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة. رواه أصحاب السنن واللفظ لابن ماجه وصححه الألباني.
وتعلم العلم الشرعي قسمان:
ما يجب على كل مسلم تعلم ولا يسعه جهله، وهو ما يصلح به فرض عينه من أمور الإيمان والعبادات، وهذا إذا منعك منه الوالد فلا طاعة له، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وترك ذلك مع القدرة معصية، قال ابن حجر: وهذا لا منع فيه. وبينا طرفا من ذلك في الفتوى رقم: 76303.
والقسم الثاني: ما كان منه فرض كفاية مثل التوسع في تعلم أمور الدين والتفقه فيها، وهذا لا يجب على الأعيان، قال تعالى: فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ {التوبة: 122}.
وهذا إذا منعك منه، وكان يؤذيه ذلك فالأولى لك طاعته في ظاهر الأمر تأدباً معه ومصاحبة له بالمعروف وتجنبا لما يغضبه، ولا حرج عليك إذا خلوت بنفسك أو كنت في مكان لا يراك أن تقرأ وتطلب العلم الشرعي، مما يدلك على ربك ويبصرك بأمر دينك، ويحصنك من شياطين الإنس والجن ، فمن لم يعرف الحق وقع في الباطل، ولا تعارض بين طلبك للعلم الشرعي وبين تخصصك العلمي، بل إن ذلك مما يساعدك على دراستك وعملك وتنور بصيرتك لا كما يظن والدك، فربما كان لا يعلم الكثير عن أمور الدين، ولذلك نهاك ومن جهل الشيء عاداه كما يقولون.
وأما التشدد والغلو فليس من أمر الدين، بل هو أمر مذموم شرعاً وعقلاً، قال تعالى: لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ {المائدة: 77}.
وقال: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا {البقرة: 143}.
وقال صلى الله عليه وسلم: إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحداً إلا غلبه. رواه البخاري.
ولكن التشدد في الدين يسببه الجهل وضيق الباع في العلم أكثر من التوسع فيه، كما هو مشاهد.
وأما عبارته التي ذكرتها، فإن كان قصد بها السخرية والاستهزاء بالشريعة وأحكامها فعليه أن يجدد إيمانه، قال تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ {التوبة: 64-65}.
قال ابن العربي: والاستهزاء بالدين كفر كيفما كان جدا أو هزلاً، فإن الهزل بالكفر كفر لا خلاف فيه بين الأمة.
وأما إن كان يقصد الاستهزاء بأشخاص بعض الناس لا لكونهم يحملون الشريعة ويتعلمونها، فعليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى إذ السخرية من المسلم حرام.
والذي ننصحك به هو أن تتعلم أحكام دينك وتتلطف مع أبيك، وحاول أن بين له الحق بالحكمة واللين وإياك ورفع الصوت عليه والجدال معه، قال تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23-24}.
ولتهتم بأمر دراستك وتخصصك، وأحسن النية والقصد ولا يكن همك الدنيا، ولكن كفاية المسلمين وخدمة هذا الدين بما تتعلمه، فالإسلام بحاجة إلى ذلك كله.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والهداية إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني