السؤال
يوجد مال في المجلس الحسبي كان قد أودع فيه مال لي لما كنت يتيما، وهذا نظام حكومي وهو وضع مال الأيتام تحت وصاية الحكومة حتى يبلغوا سن 21 وهذا المال يزيد من تشغيله في البنك الربوي ويمكن كل 6 أشهر أن آخذ منه جزء بحجة شراء ملابس الشتاء وغيرها وممكن آخذ جزءا أكبر من المال بحجة شراء ثلاجة أو غسالة أو أي أجهزة وبهذه الطريقة آخذ النقود كلها ولكن هذه الطريقة ستعود عليه بالخسارة لأنها ستكون شراء أجهزة لا أحتاجها وأبيعها بالخسارة الشديدة! أو آخذ جزءا صغيرا من المبلغ كل 6 أشهر وهذا الجزء سيقلل رأس المال الذي كان يعمل ويأتي بربح وبالتالي سيقل الربح وأستطيع أيضاً الآن أن أوقف تشغيل المال في البنك بتقديم طلب لذلك وأنا عموماً كنت لا أعلم الأحكام الشرعية سابقاً وأنا أحتاج للنقود الآن وأنا تقريباً غير حاصل على شهادة أعمل بها أو لدي حرفة مضمونة أعمل بها وهذه النقود أريد أن أضعها عندما أبلغ 21 سنة في بنك فيصل الإسلامي وأنا عندي 19 سنة وعدة أشهر وبقي لي ما يقارب من سنتين على سن الـ 21 وسمعت فتوى للشيخ محمد عبد المقصود بمصر أن من كان يعمل عملا حراما وهو لا يعلم ثم علم فعليه ترك العمل وما تحصل له من مال سابقاً فهو حلال وكذلك سمعت من الشيخ أحمد حطيبة بمصر وسمعت من الشيخ أحمد أيضاً أنه لو كان لديك مال ولا تعرف أن عليه زكاة ثم علمت فلا تخرج الزكاة على ما سبق كذا قال والله أعلم فما هو تعليقكم وتنبيهاتكم على كل ما سبق من كلامي وهل المال المودع في المجلس الحسبي هذا عليه زكاة وهل أزكي على ما سبق من السنين وكنت لا أعلم بحكم الزكاة وما حكم المال الذي ينتج من الربا بالبنك غصبا عني فقد حبسوا المال وشغلوه بالبنك وهل أترك المال مدة السنتين هذه ليزيد وأنا محتاج لزيادة المال؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان وضع أموال القاصرين في المجلس الحسبي إجباريا فلا إثم على الوصي ولا الصبي مالك المال بعد بلوغه سن التكليف، لأنه لا اختيار له فهو في حكم المكره.
والواجب على الوصي وكذلك الصبي بعد بلوغه راشداً أن يحول حسابه من هذا المجلس الذي يتعامل مع البنوك الربوية إلى جهة أخرى لا تتعامل بصورة محرمة، متى أمكنه ذلك.
وبما أنك تستطيع الآن إيقاف تشغيل المال في البنك بتقديم طلب لذلك، فواجبك أن لا تتوانى في تقديم هذا الطلب، كما يجب على الوصي وكذا الصبي بعد بلوغه أن يتخلص من الفوائد الربوية المترتبة على هذا المال، وذلك بإنفاقها في مصالح المسلمين، لأن الفوائد الربوية مال محرم لا يحل لمكتسبه تملكه، بل يجب عليه التخلص منه.
وراجع في هذا الفتوى رقم: 1220، والفتوى رقم: 17806، وراجع أيضاً الفتويين رقم: 16206، 38847.
علماً بأن الزكاة تجب في أصل هذا المال دون ما ترتب عليه من فوائد ربوية، وأن هذه الزكاة لا تسقط بالتقادم ولا بالجهل بها، كما بيناه في الفتوى رقم: 56046.
لأن الزكاة حق الفقراء، وحقوق العباد لا تسقط إلا بمسامحتهم فيها وتنازلهم عنها، والذي يسقط بالجهل في مثل هذه الحقوق هو الإثم، لكن الحق لا يسقط بحال، قال الرحيباني في مطالب أولي النهي وهو حنبلي: من اعتقد أن الحج يسقط ما عليه من صلاة وزكاة، فإنه يستتاب بعد تعريفه إن كان جاهلاً، فإن تاب وإلا قتل، ولا يسقط حق آدمي من مال أو عرض أو دم بالحج إجماعاً. انتهى
وقال الدميري: في الحديث الصحيح من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. وهو مخصوص بالمعاصي المتعلقة بحقوق الله تعالى خاصة دون العباد، ولا تسقط الحقوق أنفسها، فمن كان عليه صلاة أو كفارة ونحوها من حقوق الله تعالى لا تسقط عنه لأنها حقوق لا ذنوب إنما الذنب تأخيرها. انتهى
الشاهد أن الحقوق بما فيها الزكاة لا تسقطها التوبة ولا الحج، بل لا بد من أدائها.
وننبه السائل إلى أنه يجوز له الانتفاع بالفوائد الربوية في حالة حاجته إليها (أي إذا كان متصفاً بوصف الفقر) لأن الشرع أمره بإنفاقها على المحتاجين، فإذا كان هو أحد المحتاجين فهو أولى الناس بها.
وراجع الفتوى رقم: 57390.
والله أعلم.