السؤال
لدي ولد يشكو من مرض عقلي مزمن يتقاضى مبلغاًً شهرياً من الدولة لا يكفيه إني أوفر له مبلغاً إضافياً من المال وبدونه ممكن أن ينتحر بالإضافة إلى أنني أوفر له للمستقبل. ذهابي إلى الحج سيؤثر على توفيري له فهل أذهب الحج أم أوفر المبلغ له حتى لا يفكر بالانتحار؟ أرجو أن تكون الإجابة خاصة بدون الإشارة إلى فتوى من الأرشيف ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اتفق العلماء على أن الحج إنما يجب على المسلم المكلف إذا تحققت الاستطاعة؛ لقول الله تعالى : وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا {آل عمران : 97} وممن نقل الإجماع على ذلك النووي في المجموع 3/63 وشيخ الإسلام في شرح العمدة 2 / 174 . والاستطاعة : هي القدرة على ثمن الزاد والراحلة، وفي معنى الراحلة ما حدث من المراكب البرية والبحرية والهوائية بشرط أن يكون ذلك زائداً عن حاجاته الاصلية : كالدين الذي عليه ، والمسكن والملبس ونحوه ، وعن نفقة من تلزمه نفقتهم مدة غيابه إلى أن يعود مع أمن الطريق .
وعليه.. فإن دار الأمر بين أن تنفق على ولدك المذكور أو توفر المال للذهاب للحج، لزمك الإنفاق عليه وترك الحج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، فالأب راع في بيته ومسؤول عن رعيته . الحديث متفق عليه ، وقال صلى الله عليه وسلم : كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت . رواه أحمد وأبو داود وصححه السيوطي والنووي .
وأما توفير المال له في المستقبل فليس عذراً لإسقاط وجوب الحج عليك ، ولكن لو علمت أنه إن لم تدخر له شيئاً من المال سيقتل نفسه لا محالة فلا يجب عليك الذهاب إلى الحج حتى تعالج هذه المشكلة وتجد لها حلاً؛ لأن حفظ نفس المعصوم مقدمة على الذهاب إلى الحج ، قال قليوبي في حاشيته: ألحقوا بالحج في جواز الترك إنقاذ غريق ، أي ليس عبده ولا دابته ونحوهما ، وخوف صائل أي على غير نفسه أو ماله ، وخوف انفجار ميت. نسأل الله جل جلاله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم .