السؤال
تقدم ابن خالتي لخطبة أختي, هي معلمة في الرابعة والعشرين من عمرها, وهو أمي يعمل في دولة غربية كعامل أو سائق، اختلفت الآراء ضمن الأسرة حيث أبدت أختي رغبة في القبول وأيدتها والدتي (الوالد متوفى) وبعد صلاة الاستخارة كانت الإجابة بالرفض، أختي الآن منزعجة وتبدو حزينة, هل أنا آثم في ذلك، وهل من نصيحة تقدمها لي وكذلك لأختي؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن زواج الفتاة إذا تقدم لها الكفء ينبغي أن لا يؤخر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث لا يؤخرن: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤاً. رواه الترمذي وأحمد. والأيم : المرأة التي لا زوج لها.
فإذا تقدم لأختك الكفء، وأبدت رغبتها فيه، فلا يجوز لك منعها من الزواج به، وعليك أن تكون عوناً لأختك على إعفافها وصونها، ولا تكن عائقاً لها عن ذلك، وإذا كان رفضك زواجها من أجل عدم الكفاءة، لكونه سائقاً وأمياً، وهي معلمة، وقد جرى العرف أن السائق والأمي لا يكون كفؤاً للمعلمة بحيث يعد عاراً بالنسبة إليك، فلا بأس برفضه.
قال ابن حجر في تحفة المحتاج: ولا يبعد أن من نسب أبوها لعلم يفتخر به عرفاً لا يكافئها من ليس كذلك. وقال أيضاً: وإنما نعتبر ما يطرد به الافتخار عرفاً بحيث يعد ضده عاراً بالنسبة إليه. انتهى.
وأما إذا كان لغير ذلك مما لا عبرة به شرعاً فتأثم لمنعك إياها من حق شرعي لها من غير مسوغ.
وأما الأخت فنقول لها : إذا كان الأمر قد فات فلا تحزني فلعل في فواته خير، وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ {البقرة:216}، واعلمي أن الأرزاق مكتوبة، ومن ذلك الزوج، وأنه لن تموت نفس حتى تستوفي أجلها ورزقها، قال الله تعالى: لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ {الحديد:23}.
قال أبو السعود في تفسيره: أي أخبرناكم بذلك لئلا تحزنوا على ما فاتكم من نعم الدنيا، ولا تفرحوا بما آتاكم أي: أعطاكم الله تعالى منها، فإن من علم أن الكل مقدر، يفوت ما قدر فواته، ويأتي ما قدر إتيانه لا محالة، لا يعظم جزعه على ما فات ولا فرحه بما هو آت. انتهى، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.