السؤال
اشتريت سيارة بقرض من فرع بنك إسلامي على أساس أن تكون بشكل قرض سيارة، ولكن خلال الإجراءات جعلوها قرضاً شخصياً، وقالوا إنه تورق أو مرابحة ومن ثم أتممت الإجراءات وأودعوا القرض في حسابي لديهم وكل ذلك شرط أن يتم تحويل راتبي إليهم في حسابي ومن فترة قصيرة سألت البنك لو أني رددت القرض بشكل دفعات كبيرة متتالية لتخفيض أرباحهم فأجابوا لا يخفض مقدار أرباحنا سوى سداد القرض كاملاً حيث إن ذلك سيقلل من قيمة الأرباح من 50% إلى 70%، فهل ارتكبت جريمة الربا، ومع العلم بأنني لولا اضطراري ما اشتريت تلك المركبة وذلك لأني تزوجت وأحضرت زوجتي إلى الدوحة؟ بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لم يتبين لنا من خلال سؤالك الآلية التي تم بها وصول المبلغ المذكور من المال إلى حسابك، ولا يسعنا في مثل هذه الحالة سوى بيان شروط بيع المرابحة للآمر بالشراء والتي إذا تم استيفاؤها كان البيع صحيحاً نافذاً، وهذه الشروط هي:
الأول: أن يقع عقد البيع على ثمن محدد، سواء كان هذا الثمن هو الثمن الحال -الكاش- أو الثمن المؤجل.
الثاني: في حالة تأجيل الثمن على أقساط، يشترط أن يتضمن العقد عدد الأقساط ومقدار كل قسط.
الثالث: أن لا يزيد ثمن السيارة بالتأخر في السداد، أو تترتب على ذلك غرامة.
الرابع: أن تدخل السيارة في ملك هذا الوسيط وضمانه قبل بيعها لطالب الشراء سواء كان بنكا أو شركة تمويل أو نحو ذلك.
فإذا استوفى البيع هذه الشروط فلا يجوز للعميل بيع السيارة أيضاً إلا بعد أن يحوزها، وذلك لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع السلع قبل حيازتها، فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم. رواه أحمد وأبو داود، وصححه ابن حبان والحاكم.
ولتعلم أن الإخلال بأحد هذه الشروط يوقع في الربا أو الغرر الفاحش وكلاهما محرم مبطل للعقد، ولا مانع من أن تكون الحيازة والبيع بواسطة وكيل عن العميل، فإن الوكيل يحل محل الأصيل بمقتضى عقد الوكالة، ولا مانع من أن يكون البنك الذي أجرى لك الصفقة وكيلا عنك في بيعها بعد أن تحوزها حيازة تامة، ويشترط ألا يبيعها لنفسه، وانظر للمزيد من الفائدة من الأحكام الفتوى رقم: 9325، والفتوى رقم: 34292، والفتوى رقم: 46968.
ولمعرفة حكم إسقاط جزء من الدين مقابل السداد قبل حلول الأجل راجع في ذلك الفتوى رقم: 30352، وراجع للتفصيل والفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9413، 49700، 12927، 18326، 18102.
وننبه السائل إلى أن البنوك الإسلامية لها جانبان: جانب نظري، وهو الذي يوضح الصور الشرعية التي يجب أن تتم عليها الصفقات والبيوع، وهذا يختلف حاله باختلاف حال القائمين عليه، فإذا كانوا من أهل العلم والانضباط فإنه يمكن الاعتماد عليهم، أما إذا كانوا من أهل تتبع الرخص والشاذ من الأقوال فلا يمكن الاعتماد على ما أفتوا به ما لم تعضد فتواهم بفتوى من عرف بالانضباط، وجانب تطبيقي، وهذا الذي قد يحصل فيه خلل من بعض الموظفين في بعض الأحيان، وهذا ما يوجب الحذر عند إجراء أي معاملة معهم بحيث يعينهم العميل على تطبيق الشروط الواجب توافرها في معاملته.
والله أعلم.