السؤال
سيّدي الشيخ أرجو أن تقرأ سؤالي إلى الآخر ولا تكون الإجابة برابط لا يفي بحاجتي لمعرفة الجواب المقنع، لقد أفدتموني بشروط فتح مقهى إنترنت، ولكن مهما حرصنا فإنّه يستحيل أن نطبّق هذه الضوابط الشرعيّة ويشغل بالي شيء أهمّ من كوني أنا صاحبة مقهى إنترنت وكونه الأفضل هو غلق المحلّ ابتغاء مرضاة الله، فمرضاة الله قبل كل شيء على الرغم من منع المواقع الإباحية بواسطة برنامج مراقبة، ولكن لا نستطيع أن نمنع كل شيء (chat) وهذا أكيد، وسؤالي هو كيف سنرقى بأمتنا إلى الأحسن خصوصا في هذا العصر إذا أغلقنا الإنترنت وأغلقنا كل جانب اختلط فيه الحرام والحلال ألم نساهم بذلك في تغلب الغرب علينا، ومن يبتغي علما وفائدة سيضطر إلى الذهاب إلى مقهى إنترنت آخر حيث لا مراقبة ولكن تسيب وسيكون مكرها على ذلك لأنّه يحتاج إلى المعلومة أو يحتاج إلى التواصل مع الأقارب أو الأصحاب ويقع الأمر هو اختلاط الفتيات خصوصا بسيئي الأخلاق لأن إدخال الإنترنت في البيت ليس ميسرا لعامة النّاس فقط ميسوري الحال يتمكنون من ذلك... وبهذا نكون قد مكنا للرّديء أن ينتشر ويتغلّب على الأماكن الحريصة على تقوى الله ألم نساهم بذلك في تخلّف الأمة وضياعها، فماذا ترون يا شيخنا وبما تشير علينا، هل أغلق أفضل أمام الله أم أستمر مع المراقبة والحرص؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالإنترنت -كما بينا في فتاوى كثيرة- هو سلاح ذو حدين، فهو يمكن المسلم من تبليغ أفكاره ومعتقداته، ودعوته إلى العالمين، تحقيقاً لمقاصد الدين الإسلامي وعالميته بأقل التكاليف، وهو سبيل جديد ومطور للحصول على أي كتاب يمكن أن يكون محملا على الإنترنت.
وهو عصب الحياة المعاصرة، ومن خلاله بإمكان المرء أن يؤثر في الرأي العام، وهو مع هذا وسيلة إلى تفشي الرذيلة والفاحشة بين أفراد المجتمع، لما يقع بواسطته من الحديث من الجنسين، والكشف عما لا تحل رؤيته، ولا شك أن فتنة النساء من أعظم الفتن، وأكثرها خطراً وضرراً، كما في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
وروى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاتقوا الدنيا واتقوا النساء, فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء. وهو أيضاً وسيلة إلى بث السموم والمعتقدات السيئة بين ضعاف النفوس.
وعليه.. فمن أراد فتح مقهى إنترنت، وعلم أنه يستطيع التحكم فيه، بحيث لا يبث خلاله إلا ما يرضي الله، فلا شك في أن فتحه أفضل من تركه، وأما إن علم أن مهما حرص، فإنه يستحيل أن يطبق الضوابط الشرعية لفتح المقهى - كما قالت السائلة - فإن البعد عنه أولى وأنجى.
ولتعلم الأخت الكريمة أن السلامة في الدين لا يعدلها شيء، وأن من رتع حول الحمى أوشك أن يواقعه، وأن المؤمن يفر من أماكن الفتن، ويستعيذ بالله منها، ولتعلم كذلك أن الغرب لم يتغلب علينا إلا بعد أن ابتعدنا عن ديننا، وجرينا خلفه نقلده في كل صغير وكبير.
والله أعلم.