السؤال
إخواني القائمين على هذا الموقع الرائع، أود منكم التفضل بإجابتي على السؤال مشكورين ومأجورين إن شاء الله تعالى، أنا فتاة غير متزوجة أبلغ من العمر 21 عاماً، عانيت كثيراً من مسألة الزواج نظراً لمروري بثلاثة مواقف صعبة جداً، لا أود الخوض في تفاصيلها الآن، وهي باختصار مجموعة إحباطات متتالية، أخرج منها بخفي حنين ولا يخفى على مثلكم ماذا يعني الزواج لأي فتاة، ما يتعبني حقيقة هو أني أخشى أن أكون من الساخطين على القضاء والقدر وهذا ما لا أطيقه... كيف يمكنني ضبط هذا الأمر بحيث لا أتجاوز حدودي، أمر آخر، الله سبحانه وتعالى يقول: أنا عند ظن عبدي بي. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل. حقيقة عندما أرفع يدي بالدعاء... لا أشعر أني محسنة الظن بالله تجلى في علاه، حقيقة لا أعلم كيف هي مشاعري، أحتاج إلى نصيحة ناصح منكم رجاء، ثم كيف لا أعجل، أشعر بأني في دوامة، كذلك بعد الإحباطات الثلاث الآنفة الذكر أصبح لدي حالة من التبلد تجاه الدعاء والتضرع لله، متضايقه جداً وحائرة ويكاد رأسي ينفجر، انصحوني؟ جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالإنسان عموماً في هذه الحياة، ينتقل من مرحلة إلى مرحلة، ومن حال إلى حال، فيوم يفرح ويوم يحزن، يوم يضحك ويوم يبكي، كما قال الله تعالى: وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى {النجم:43}، وقال تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ {الإنشقاق:19}، أي حالاً بعد حال وطورا إلى طور، فهذه طبيعة الحياة، وسنة الله في خلقه، تشمل هذه السنة المؤمن والكافر، إلا أن الله سبحانه وتعالى جعل أمر المؤمن كله خير، وفي الحديث: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك إلا للمؤمن إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له. رواه مسلم.
فالمؤمن قد جعل الله سبحانه له منازل إيمانية، ينزلها ويتفيأ ظلالها في مراحل حياته، كمنزلة الصبر، ومنزلة الشكر، ومنزلة الإيمان بالقضاء والقدر، ومنزلة الرضا عن الله، ومنزلة احتساب الأجر، ومنازل أخرى، لكن المؤمن قد يغفل أحياناً عن هذه الأمور التي هي من مسلمات عقيدته، ومن بديهيات إيمانه، ولو تنبه لها وأزال ما علق بها وغطاها لأشرقت في نفسه، وأذهبت عن قلبه كل هم، ولما ندم على فائت، ولما خاف على مستقبل، ونضع للأخت في هذه النقاط بعضا من هذه المنازل والمقامات:
- الإيمان بالقضاء والقدر (ركن الإيمان السادس)، فكل ما كان وما يكون وما سيكون، قد قدره الله سبحانه، وما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
- الرضا عن الله فيما قضى وقدر، فإن من رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط، ولا يغير السخط من المقدور شيئاً.
- العلم بأنه سبحانه حكيم رحيم لا يقضي إلا بما فيه حكمة ومصلحة لعباده، ووفق رحمته بهم.
- العلم بأن اختيار الله سبحانه وتعالى خير للعبد من اختياره لنفسه، وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
- السعي في ما ينفع العبد، وعدم العجز أو الندم على ما فات، وفي الحديث: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا... ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان. رواه مسلم.
- تقوى الله عز وجل ففيها المخرج، وفيها الرزق، وفيها التيسير وفيها تكفير الذنوب، ودليل ذلك آيات سورة الطلاق، كما أن الدعاء سلاح المؤمن، فلا تلقين الأخت سلاحها من يدها في معترك الحياة، ويمكن للأخت أن تتواصل مع قسم الاستشارات في موقعنا (موقع الشبكة الإسلامية) فسؤالها يتعلق بقسم الاستشارات أكثر من قسم الفتوى، والله نسأل أن يوفقها ويهديها، ويصلح حالها، ويرزقها الزوج الصالح، والذرية الطيبة.
والله أعلم.