السؤال
تزوج زوجي علي ، وهو إن كان يعدل في المبيت ( ولا أعلم إن كان يعدل في النفقة ) ، إلا أنه لا يعدل في المعاملة ، وحين أقول له ذلك ، يقول بـأن ليس له أن يعدل في الميل القلبي ، والمعاملة تتبع الميل القلبي
فهو يغلظ لي في الكلام ، ويسارع في زجري على نفس الأخطاء التي تقع فيها زوجته الثانية ، ولا يعاقبها بالمثل، بل إنه يهجرني إذا ما وقع بيننا خلاف بالليبات عندها ، ويقول لي بأنه يجوز للرجل هجر زوجته الناشز ، بينما أذكر له قول الله ( واهجروهن في المضاجع ) وكذلك قول الرسول بما معناه ( لا تهجروا إلا في البيوت ) ، ولكنه يقول لي بأن الرسول هجر بعض زوجاته ، فهل كان هذا جائزا للرسول فقط أم لكل الرجال ؟
وهل العدل يكون فقط في المبيت والنفقة أم حتى في حسن العشرة ؟
وهل يجوز لي في هذه الحالة طلب الطلاق ؟
وهل تأثم المرأة إذا طلبت الطلاق من زوجها بسبب زواجه إذا ما تأثرت نفسيا تأثرا بالغا حتى بدأت بفقد التواصل مع العالم حولها والغرق في أحزانها لفترة طويلة وما عادت تتحمل الغيرة ؟
هل يجبرها الله على الصبر على وضع ما عادت تطيقه وإلا النار مصيرها ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 49632، حكم العدل بين الزوجات المتفق عليه والمختلف فيه منه، وعلى القول بوجوب العدل في كل ما يستطاع العدل فيه فإنه يجب على الزوج أن يعدل بين زوجاته في العشرة الحسنة والمعاملة الطيبة، إذ هي مما يستطيعه، وهي من الأقوال والأفعال وليست من الأمور القلبية، قال القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ، قال العلماء: أراد تعمد الإتيان، وذلك فيما يملكه وجعل إليه من حسن العشرة والقسم والنفقة ونحوه من أحكام النكاح.
قال الشافعي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ سمعت بعض أهل العلم يقول قولا معناه ما أصف { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا } إنما ذلك في القلوب { فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ } لا تتبعوا أهواءكم أفعالكم فيصير الميل الذي ليس لكم فتذروها. وما أشبه ما قالوا عندي بما قالوا لأن الله عز وجل تجاوز عما في القلوب، وكتب على الناس الأفعال والأقاويل، فإذا مال بالقول والفعل فذلك كل الميل انتهى
أما هجر الزوجة المأمور به في حال نشوزها فهو أن لا يضاجعها ولا يجامعها بل يوليها ظهره في الفراش، لقوله تعالى: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ{النساء: 34}، وأما الهجر خارج البيت ففيه خلاف وسبق في الفتوى رقم: 62239.
وعلى كل حال لا يجوز أن يبيت عند إحدى زوجتيه في نوبة الأخرى ولو كان هاجرا لها هجرا مشروعا، إلا إذا أغلقت بابها دونه، قال الدسوقي في شرح مختصر خليل المالكي: (و) جاز (البيات عند ضرتها) في ليلتها (إن أغلقت بابها دونه و) الحال أنه (لم يقدر يبيت بحجرتها) لمانع برد أو غيره، فإن قدر لم يذهب وتكون ناشزا بذلك إلا أن تخاف منه ضررا انتهى
أما طلب الطلاق فيجوز إذا كان لحاجة، كأن تتضرر المرأة من البقاء مع الزوج، وليس لها طلب الطلاق لمجرد زواجه بأخرى إذا كان عادلا بينهما.
والله أعلم