الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة والاستتار بستر الله

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر 33 سنة ومتزوج من ابنة عمي التي أفوقها باثنتي عشر سنة. كانت حالتي مع زوجتي جيدة ورائعة أثناء مدة الخطوبة وبعد الزواج. فهي متخلقة و متدينة و تعلمت منها الكثير من الأمور الدينية خاصة الصوم لوجه الله و المحافظة على الصلوات في المسجد و ساعدتني على قضاء ديني حتى إنها باعت مهرها لتسديد ما بقي علي من دين و قد وعدتها بأن أشتري لها مهرا جديد عندما تتيسر الأمور في بيتنا. ولكن ومنذ أن سمعت من بعض قريباتي عن الماضي الذي كنت أعيشه قبل الزواج انقلبت حياتنا إلى جحيم وصرنا نتنافر و نسب بعضنا ووصلت إلى رفع يدي عليها لكي أرغمها على السكوت. فبعض قريباتي لم يجدن وسيلة من تضييع وقتهن إلا سألتها إن كانت على علم بما كنت عليه من قبل وعلاقتي المشبوهة مع إحدى القريبات و هل هذه القريبة مازالت تأتي لزيارتكم وهل يراها ويتكلم معها فانهارت زوجتي و أجبرتني على الحلف على المصحف أن أحكي لها الحقيقة بالتفصيل و ليس مع قريبتي فقط بل عن كل فتاة عرفتها في حياتي فرفضت في بداية الأمر و لكنها أصرت على ذلك وقالت إن ذلك سوف يخفف من معاناتها ولكي تعرف كيف تدافع عني إذا جاءت إحداهن لكي تحرجها. فانسقت وراء أسئلتها فهي تسأل و أنا أجيب فأحيانا أجيب ما أعرف و أحيانا أ خلط الكلمة وأحيانا أكذب حتى لا أتوه في أسئلة أخرى فقضينا ليلة كاملة في سؤال و جواب حتى أذن لصلاة الفجر. فاجأتني ببرودة أعصابها و قدمت لي كتابا عن التوبة و أوصتني بكثرة الصلاة و الصيام و الاستغفار و الحرص على التوبة النصوح ففرحت لذلك و حمدت الله على هذه النعمة. لكن بعد مرور أيام تغير كل شيء فصارت لا تتحمل رؤيتي و كلما رأت شيئا يذكرها بأيام الخطوبة تبدأ في الصراخ و البكاء و تدعوني بالخائن و الكاذب و أنني مازلت أكذب و لم أقل لهل كل الحقيقة و تحت ضغط البيت أعادت علي نفس الأسئلة فأجبتها بما أعلم فانهارت و قالت أن كل أجوبتي مخالفة لما سبق و إنني مخادع و لست بأهل ثقة فصارت تتهمني بالنظر الي المحرمات في الشارع و تدعي أنني لا أستطيع مقاومة أية فتاة في الشارع أو في التلفاز و لا أمل من الحديث مع من أعمل من عاملات أثناء العمل و أنني في رأيها لم أخلق إلا للنظر في النساء. صارت حياتنا جحيما لا يطاق فهي فقدت الكثير من وزنها و ساءت حالتها و أصيبت بكيس في رحمها و قد تأخرت عن الحمل و أصفر وجهها وأنا أعلم أن أعصابها تحطمت و وصل بها الأمر بها أن تطلب الطلاق وهذا بعد أن أخبرتني بأنها سمعت خبرا جديدا عن الماضي التعيس الذي كنت أعيشه ولم يكن صاحب الخبر إلا أخي الصغير الذي لا أدري ماذا حكى لها ؟.أعيش حياة مرة و قاسية فكل أسباب هذه المأساة هو أنا و ما اقترفته منذ سنوات لكنني قبل الزواج تبت إلى الله و صرت مواظبا على الصلوات و الأعمال الخيرية والصوم و الصدقة و قد عاهدت الله على التوبة فقد أقلعت عن ارتكاب الفاحشة و ندمت على أفعالي و مقتنع أن ما فعلته كان كبيرة و أنا عازم على عدم العودة إليه و لكن زوجتي مازالت تتهمني بالنفاق و التلاعب و تريد أن تملي علي شروطا كأن لا أتكلم مع أقربائي سواء كانوا رجالا أو نساء و أن أخبرها إن حدث و أن تكلمت مع فلانة أو فلانة و تفتش أغراضي و وصل بها الأمر أن تشتري رقما هاتفيا مخالفا لرقمها و اتصلت بي على أنها فتاة تريد التعرف علي وذلك لترى هل أخونها أم لا. كثرت شتائمها و رفع صوتها علي و تنظر إلي باحتقار لم أعد أقاومها لأني كلما بدأت في الكلام لا تسمع مني أو بالأحري لا تريد سماع إلا ما كان قد سلف ذكره من الماضي و نصحتها أن ما تقوم به مخالف لديننا و أنها لا تجني من ورائه إلا الذنوب فكان جوابها دائما و أبدا هو أنني السبب الوحيد للمأساة وأن الحل بيدي و ذلك أن أحكي لها كل الماضي بالتفصيل فأقسمت لها أنه لا و لن تسمع من عندي حرفا واحدا فتوعدتني أن تكون حياتنا إلى الأبد جحيما. مع العلم أنها تصلي و تصوم وتتصدق و لم تفقد من دينها شيئا واحدا منذ الزواج بل أنها تبيع حليها للمشاركة في بناء المسجد. فهل هناك وسيلة لحل هذه المشكلة و هل أعاقب على ما سببت لها من مرض و معاناة نفسية مع العلم أنها تقوم بكل واجباتها بإتقان و لا تضيع حقوقي و لكن لايمر يومان إلا و نعود إلى نفس المشكلة مع العلم أنني أعمل بعيدا عنها لمدة شهر و أعود إلى المنزل في عطلة لمدة شهر كذلك وهكذا طوال السنة. فهل هناك حل لهذه المصيبة أريد أن أعيش أريد أن تشفى زوجتي فالرجاء النصيحة لي و لهابارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كانت قريباتك قد أخطأن بما ذكرن لزوجتك عنك ، فإنك أنت أيضا قد أخطأت خطأ كبيرا بما قصصته على زوجتك من ماضيك السيئ . فكان من واجبك أن تستر على نفسك بستر الله عليك ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا, وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه . رواه البخاري .

أما الآن وقد صار الأمر إلى ما ذكرت ، فإن واجبك الأول أن تتوب إلى الله من جميع ممارساتك الماضية ، وأن تتوب إلى الله مما قصصته على زوجتك . وفيما يتعلق بحل الأزمة التي هي عليها ، فلتبين لها أن من الواجب على الزوجين المحافظة على العلاقة بينهما ، ونسيان ماضي كل واحد منهما ، حفاظا على عرى الزوجية .

وأن الأخطاء والذنوب لا يكاد يسلم منها أحد ، فقد ورد في الحديث الشريف : كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون . رواه أحمد والترمذي ، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له. كما في حديث آخر صحيح . وأن الله إذا كان يعفو عمن وقع في الكفر والشرك إذا عاد إلى الإسلام ، فكيف بمسلم موحد أذنب وتاب وأفاق من غفلته . ثم كيف وهي المسلمة المتدينة أن لا تحب من أحبه الله تعالى ، فإن الله يحب التوابين قال سبحانه : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ { البقرة : 222 } إلى غير ذلك من الأساليب الحكيمة . ونسأل الله أن يعيد حالكم إلى أحسن ما كان عليه .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني