السؤال
لدي سؤال يا شيخ ؟لقد رأيت فتاة في الإنترنت من بلد آخر وقد شدني من كتاباتها في المنتدى حسن أدبها و تدينها ، وراسلتها بغرض الزواج أستفسر عنها وعن أسرتها ومكان إقامتها وحتى أعرف معلومات عنها قبل الزواج.وقد أخبرتني بأنها حاملة لمرض وراثي يقلل مناعة الجسم لبعض الأمراض وهذا المرض من المحتمل أن يصيب بعض المواليد الذكور ويحتاج إلى استخدام دواء كل ثلاثة شهور ، وهذا هو السبب الذي جعلها لم تتزوج إلى الآن.وأيضاً يا شيخ والدتها رفضت هذا الزواج بحجة أنها قد عاهدت روح والدها بعد أن مات بأن لا تجعل بناتها يتغربن ويبتعدن عنها ما دامت حية.والأسئلة هي:1- هل ما فعلناه من تعارف بالتراسل الكتابي عبر الإنترنت يعتبر حراماً، علماً بأننا لم ندخل في تفاصيل مخلة وكل الكلام كان يدور عن أشياء أساسية مثل عمرها ودراستها واستعدادها لأن تتزوج من بلد آخر وكان بالكتابة و باطلاع أختها حتى نضمن عدم دخول الشيطان بيننا وليس لي غرض يا شيخ إلا أن أعف نفسي فهل تعتبر هذه المراسلة بغرض الزواج جائزة أم غير جائزة.2- هل موافقتي على الزواج منها رغم علمي بأن الأطباء قد قرروا بأن المرض قد يصيب بعض الأبناء يعتبر إجراماً مني في حق أبنائي3- وهل يجب على هذه الفتاة أن تبر قسم والدتها لروح جدها وتترك الزواج من أي أحد خارج مدينتها، علماً بأن الفتاة قد تأخرت في الزواج ونسبة لهذا المرض قد لا يتقدم لها أحد رغم أخلاقها وتدينها.أفتونا مأجورين جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن التعارف بين الفتيان والفتيات عن طريق الأنترنت ولو كان من أجل الزواج قد يجلب كثيرا من المخاطر؛ لذا فإنا قد نهينا عنه في فتاوى كثيرة. والرجل إذا كان قصده هو مجرد معرفة المرأة من حيث العمر والدراسة والاستعداد لأن تتزوج من بلد آخر ونحو ذلك, فإن كل هذا يمكن الوصول إليه عن طريق أخته أو أمه أو قريبة له أو زوجة صديق له ثقة مع أن ما يمكن أن يصل إليه من الخبر بواسطة الإنترنت لا يلزم أن يكون هو الواقع, ومع هذا فإذا كان الأخ السائل قد اقتصر حقا على ما ذكر ولم ير من تلك الفتاة ما لا تحل رؤيته فلا نرى عليه فيما مضى إثما, لكن عليه أن يقطع ذلك نهائيا لئلا يجعل للشيطان فرصة إيقاعه فيما هو أعظم .
وفيما يتعلق بموضوع الزواج من تلك الفتاة مع ما هي مصابة به من المرض الوراثي فإنا لا نرى مانعا منه لأنه يمكن أن يتزوجها مع ترك الإنجاب بالعزل ونحوه مما لا يقطع النسل, مع أنه لا يجب عليه ترك الزواج منها ولا ترك الإنجاب لأن الإنجاب وحدوث الأمراض غيب, فقد يتزوج الرجل ولا ينجب, وقد يتزوج وينجب ولا يكون في ذريته تلك الأمراض المتوقعة, ولو افترض أنه أنجب منها وحدث لأولاده ما كان مخشيا فما عليه إلا أن يحتسب أجر ذلك عند الله تعالى, فإن المؤمن يثاب حتى بالشوكة يشاكها، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله عزوجل عنه حتى الشوكة يشاكها .
وفيما يتعلق بسؤالك الأخير فقد بينا في فتاوى كثيرة أن طاعة الوالدين مقدمة على الزواج من شخص بعينه, ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم:18767 ، وعليه؛ فواجب الفتاة أن لا تتزوج منك إلا برضى أمها . وليس هذا من باب إبرار القسم لأنه لم يرد فيما ذكرته أن والدة الفتاة قد أقسمت, وإنما الوارد فيه أنها قد عاهدت روح والدها بعد أن مات بأن لا تجعل بناتها يتغربن ويبتعدن عنها ما دامت حية ,مع أنها لو كانت فعلا قد أقسمت على ذلك فإن إبرار القسم في هذه الحالة ليس مطلوبا؛ لأن فيه مفسدة. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم:71626 .
والله أعلم.