السؤال
يقول الإمام السبكي عن شيخ الاسلام ابن تيمية ''أما بعد، فإنه لما أحدث ابن تيمية ما أحدث في أصول العقائد، ونقض من دعائم الإسلام الأركان والمعاقد، بعد أن كان مستترا بتبعية الكتاب والسنة، مظهرا أنه داع إلى الحق هاد إلى الجنة، فخرج عن الاتباع إلى الابتداع، وشذ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع، وقال بما يقتضي الجسمية والتركيب في الذات المقدس، وأن الافتقار إلى الجزء- أي افتقار الله إلى الجزء- ليس بمحال[2] ، وقال بحلول الحوادث بذات الله تعالى، وأن القرآن محدث تكلم الله به بعد أن لم يكن، وأنه يتكلم ويسكت ويحدث في ذاته الإرادات بحسب المخلوقات، وتعدى في ذلك إلى استلزام قدم العالم، والتزامه بالقول بأنه لا أول للمخلوقات فقال بحوادث لا أول لها، فأثبت الصفة القديمة حادثة والمخلوق الحادث قديما، ولم يجمع أحد هذين القولين في ملة من الملل ولا نحلة من النحل، فلم يدخل في فرقة من الفرق الثلاث والسبعين التي افترقت عليها الأمة، ولا وقفت به مع أمة من الأمم همة، وكل ذلك وإن كان كفرا شنيعا مما تقل جملته بالنسبة لما أحدث في الفروع ". ا.هـ. فهل كلامه صحيح؟ وما ترجمة السبكي وما هي عقيدته؟
بارك الله بكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى غير صحيح، وكنا قد بينا ذلك من قبل، فلك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 53961 .
وكاتب هذا الكلام هو علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام بن حامد بن يحيى بن عمر بن عثمان بن علي بن مسوار بن سوار بن سليم السبكي. يقول عنه ابنه تاج الدين في ترجمته: هو الشيخ الإمام الفقيه المحدث الحافظ المفسر المقرئ الأصولي المتكلم النحوي اللغوي الأديب الحكيم المنطقي...
ولد في ثالث صفر سنة ثلاث وثمانين وستمائة وتفقه في صغره على والده وكان من الاشتغال على جانب عظيم بحيث يستغرق غالب ليله وجميع نهاره. ثم لما دخل القاهرة بعد أن صار فاضلا تفقه على شافعي الزمان الفقيه نجم الدين ابن الرفعة، وقرأ الأصلين وسائر المعقولات على الإمام النظار علاء الدين الباجي، والمنطق والخلاف على سيف الدين البغدادي، والتفسير على الشيخ علم الدين العراقي، والقراءات على الشيخ تقي الدين ابن الصائغ، والفرائض على الشيخ عبد الله الغماري المالكي، وأخذ الحديث عن الحافظ شرف الدين الدمياطي ولازمه كثيرا، ثم لازم بعده وهو كبير إمام الفن الحافظ سعد الدين الحارثي، وأخذ النحو عن الشيخ ابن حيان، وصحب في التصوف الشيخ تاج الدين ابن عطاء الله، وسمع بالإسكندرية من أبي الحسين يحيى بن أحمد بن عبد العزيز بن الصواب وعبد الرحمن بن مخلوف بن جماعة ويحيى بن محمد بن عبد السلام، وبالقاهرة من علي بن نصر بن الصواف وعلي بن عيسى بن القيم وعلي بن محمد بن هارون الثعلبي والحافظ أبي محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي...
وأجاز له من بغداد الرشيد بن أبي القاسم وإسماعيل بن الطبال وغيرهما، وجمع معجمه الجم الغفير والعدد الكثير، وكتب بخطه وقرأ الكثير بنفسه وحصل الأجزاء الأصول والفروع، وسمع الكتب والمسانيد وخرج وانتقى على كثير من شيوخه، وحدث بالقاهرة ودمشق سمع منه الحفاظ أبو الحجاج المزي وأبو عبد الله الذهبي وأبو محمد البرزالي وغيرهم. ذكره الذهبي في المعجم المختص فقال : القاضي الإمام العلامة الفقيه المحدث الحافظ فخر العلماء تقي الدين أبو الحسن السبكي ثم المصري الشافعي. اهـ
وكان السبكي رحمه الله أشعريا في اعتقاده. ويمكنك أن تراجع المزيد عن ترجمته في كتاب: طبقات الشافعية الكبرى. كما يمكنك أن تراجع عن العقيدة الأشعرية فتاوى سابقة تحت الأرقام التالية : 27552 ، 5719 ، 4118 ، 10400 .
والله أعلم.