السؤال
أتمنى أن لا تحددوا عدد أحرف السؤال لأن الشخص الذي يسأل يكون أغلقت بوجهه الدنيا كلها وهو يريد أن يفرغ ما بداخله وأحد يسمعه ويرشده، فلا تقولوا لي عدد الأحرف ولا شيء من هذا، دعوني أسأل وأنقذوني لأني أشعر بتعب نفسي كبير، عندي أسئلة كثيرة، لكن أول سؤال أريد أن أسأله إذا غلط الإنسان في حياته كثيراً ويريد أن يتوب إلى ربه لكن يشعر أن ربه لم يغفر له، وإن أراد أن يصلي يشعر أنه لم تقبل صلاته ويترك الصلاة وهو يعرف أن هذا غلط، لكن يريد أحداً يهديه ينتشله من هذا الضلال إلى العيش، ماذا يفعل وكيف يكفر عن أخطائه وهي ليست بسيطة تشعرني بالقلق من نفسي والخزي وأشعر أن ربي غير راض عني، أنا زنيت مع أخي زوجي وزوجي هو الذي طلب مني، مع أني ما أريد ذلك، لكن حبي لزوجي أعماني ورضيت أن أنام مع أخيه بوجوده ، ورفضت أكررها بعد ذلك وكل ذلك من أجل الله، ورب الكعبة ترشدوني لأني أموت وأصحو على حالي بعد فوات الأوان، وعمر حب الزوج يؤدي إلى ذلك، لكن أعماني ودمرني والله يهديني، يا رب ماذا أفعل بحياتي، بالله عليكم ماذا أفعل من أجل أن يغفر لي ربي، ما هو العقاب علي، أيقام علي حد الجلد أم ماذا، بالله عليكم تجيبوني، وكذلك سرقت من بيت أهلي لزوجي، لكن كنت مخطوبة وكله بسببه، لأنه بعيد كل البعد عن ربه، وأبعدني معه، لكن أريد الرجوع لربي، ماذا أفعل حتى لو طلبت منه الطلاق، لأن وجودي معه هو الذي يبعدني عن ربي وأصبحت أرى الغلط أشياء عادية، ويالله حياة وبدنا نعيشها؟ الله يحميكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا ننصحك بالتوبة الصادقة مما حصل منك، ولا تقنطي من رحمة الله تعالى فهو سبحانه وتعالى غفور رحيم يقبل توبة من أناب إليه بصدق ويبدل سيئاته حسنات، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ {الزمر:53-54}، وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}، وقال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:68-69-70}.
فأخلصي التوبة لله تعالى وأكثري من الأعمال الصالحة، فقد قال الله تعالى: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {المائدة:39}، واحرصي على المواظبة على الصلاة بشروطها وأحسني الظن بالله تعالى في قبول توبتك وصلاتك وعباداتك كلها، وإياك وترك الصلاة والقنوط من الرحمة فخطرها عظيم، وإياك أن تقبلي أبداً دخول أخي الزوج عليك أو اختلاءه بك، ففي حديث الصحيحين: إياكم والدخول على النساء، قالوا: يا رسول الله أفرأيت الحمو. قال: الحمو الموت.
وحاولي استسماح أهلك فيما أخذت منهم ورده إليهم، ولا مانع أن تطلبي منهم السماح بصفة مجملة، وأن تردي إليهم المال دون بيان أنك سرقته سابقاً حفاظاً على علاقتك معهم، ولا يشترط في قبول توبتك أن تسعي في إقامة الحد عليك فاستري نفسك ولا تخبري أحداً، وسيقبل الله توبتك إن شاء الله تعالى.
واعلمي أنه قد أخطأ زوجك خطأ عظيماً فيما طلب منك من الزنى مع أخيه، وهذا من أعظم الضرر الذي يسوغ به السعي في فراق الزوج، وقد بينا خطورة عمل الديوث والقواد، وجواز طلب الطلاق عند الضرر في فتاوى سابقة، فراجعي منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 56653، 12581، 48310، 26982، 37112، 33363.
فحاولي السعي في هدايته وتوبته وإقناعه بإعانتك على الطاعة ووقايتك من النار، فإن لم يستجب فاسعي في وسيلة مشروعة للتخلص منه ولو بالخلع، وراجعي في فضل السعي في هدايته الفتوى رقم: 34460، والفتوى رقم: 45139.
وراجعي في أسباب قبول التوبة وعدم اشتراط إقامة الحد فيها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71377، 29785، 66209، 66100، 60222، 38466، 34852، 76975.
وأما تحديدنا عدد الحروف فإنا لا نريد به منع السائل من إيضاح سؤاله وبيان تفاصيله، وبالإمكان عندما يكون سؤالك متعدد المحاور أن تطرحي كل محور منه في سؤال خاص، فنحن نرحب بأسئلتك ولو كثرت، وسنحاول إعانتك بقدر المستطاع، ونوصي بإكثار الدعاء دائماً وبالحرص على الصحبة الصالحة وكثرة مطالعة كتب الترغيب والترهيب وقصص التائبين والتائبات.
والله أعلم.