السؤال
فريضة الحج واجبة على كل مسلم قادر لكن من هو بصحة جيدة ويستطيع بدنيا أداء المناسك لكن يعاني من برص أو جذام أو رائحة كريهة سواء في الفم أوغيره أو أي مرض جلدي وطبعا غير معد لكنه يؤذي الآخرين سواء بالنظر أو الشم هل يؤدي الفريضة ولا يلتفت لتعليقات الناس وشتائمهم وهل له أجر بسبب ما يتعرض له أم ليس عليه أن يحج لأنه سيعتبر مذنبا أرجو إفادتي بارك الله فيكم ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالروائح الكريهة والمرض الذي ليس بمعد لا يسقط الحج عمن قدر عليه لأنه يمكنه أن يحج دون أن يختلط بالناس، بل يتحين الوقت المناسب والمكان المناسب ويؤدي المناسك، وبذلك يسلم من أذية نفسه وأذية الناس ، وقد سئل الشيخ ابن حجر الهيتمي عن ذلك ونورد السؤال والجواب بنصهما زيادة في الفائدة: سئل أعاد الله علينا من بركته بما صورته : نقل القاضي عياض عن العلماء أن الأجذم والأبرص يمنعان من المسجد ومن الجمعة ومن اختلاطهما بالناس، فهل المنع مما ذكر على سبيل الوجوب أو الندب؟ وهل يكون ما ذكر عذرا لهما مسقطا عنهما الحج والعمرة لاحتياجهما إلى المسجد والاختلاط بالناس أم لا؟ أو يفرق بين الجمعة وبين الحج والعمرة بعدم تكررهما دون الجمعة؟ وهل حج التطوع كالفرض أم لا ؟
فأجاب رضي الله عنه بقوله : قال القاضي: قال بعض العلماء: ينبغي إذا عُرف أحد بالإصابة بالعين أن يُجتنب ليحترز منه، وينبغي للسلطان منعه من مخالطة الناس ويأمره بلزوم بيته ويرزقه إن كان فقيرا، فإن ضرره أشد من ضرر المجذوم الذي منعه عمر رضي الله عنه والعلماء بعده من الاختلاط بالناس. قال النووي في شرح مسلم: وهذا الذي قاله هذا القائل صحيح متعين ولا يعرف عن غيره خلافا . اهـ .
وبه يعلم أن سبب المنع في نحو المجذوم خشية ضرره، وحينئذ فيكون المنع واجبا فيه وفي العائن، كما يعلم من كلامهم بالأولى حيث أوجبوا على المعتمد خلافا لمن نازع فيه على المحتسب الأمر بنحو صلاة العيد ومنع الخونة من معاملة النساء لما في ذلك من المصالح العامة، وأن المدار في المنع على الاختلاط بالناس، فلا منع من دخول مسجد وحضور جمعة أو جماعة لا اختلاط فيه بهم، وحينئذ ظهر عدم عد ذلك عذرا في ندب أو وجوب الحج أو العمرة ولو كفاية لإمكان فعلهما مع عدم الاختلاط، وبفرض أنه لا يمكن إلا مع ذلك يجاب بأن وجوب النسك آكد من وجوب الجمعة فلا يلزم من عد ذلك عذرا فيها فلا يرد على ذلك ما اعتمدته في شرح العباب أن خبث الريح عذر فيها وإن لم يختلط. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب . اهـ .
والله أعلم .