السؤال
في الآية ( ثم إن علينا بيانه ) معنى كلمة بيانه أي تفسير معانيه سؤالي لماذا لم يفسر الله كلامه وهل العلماء يصل تفكيرهم إلى تفكير الله لكي يقوموا بتفسيره؟
في الآية ( ثم إن علينا بيانه ) معنى كلمة بيانه أي تفسير معانيه سؤالي لماذا لم يفسر الله كلامه وهل العلماء يصل تفكيرهم إلى تفكير الله لكي يقوموا بتفسيره؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينبغي أن يعلم أولا أن الله تعالى وصف كتابه بأنه بين واضح في لفظه ومعناه. قال تعالى: وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ {النور:34} أي واضحات في أنفسهن موضحات للأحكام.
وقال تعالى: وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الفَاسِقُونَ {البقرة:99} وقال تعالى: وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ{الحج: 16} أي واضحات في لفظها ومعناها حجة من الله على عباده.
فالقرآن ليس كتاب ألغاز حتى يقال لماذا لم يفسر الله كلامه.. إلخ ما ذكره السائل، وما وجد في القرآن من ألفاظ مجملة تحتاج إلى زيادة بيان وإيضاح تكفلت السنة النبوية التي هي وحي من الله أيضا بإيضاحه فالقرآن أمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والسنة النبوية بينت كيفية إقامة الصلاة وكيفية أداء الزكاة من حيث المقدار والأصناف التي تجب فيها الزكاة وهذا كثير جدا، فالسنة تفسر القرآن وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه.
وهذا لا يعني أنه لا يمكن أن يحتاج الناس بعد ذلك إلى التفسير فإن من الآيات ما لا يعلم تفسيره إلا الله سبحانه وتعالى، حيث استأثر سبحانه وتعالى بعلمه كالحروف المقطعة في أوائل السور.
وقد كان الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التفسير ويبين لهم صلوات الله وسلامه عليه كما وقع لعدي بن حاتم لما أخطأ في فهم آية البقرة : حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ{البقرة: 187} فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد من الخيط الأبيض والخيط الأسود بياض الفجر وسواد الليل.
وهكذا يحتاج الناس إلى التفسير إما لعدم إدراكهم معنى الآية بسبب خطأ في الفهم، وإما لعدم فهمهم للغة العربية التي نزل بها القرآن، وإما لعدم علمهم بالسنة المبينة للقرآن وغير ذلك من الأسباب التي ليس مردها إلى أن القرآن غير واضح في نفسه.
وقول السائل هل العلماء يصل تفكيرهم .. هذا كلام خطأ من وجهين:
الأول: أنه لا يصح أن يقال تفكير الله لأن لفظ التفكير لم ترد إضافته لله تعالى في الشريعة.
ثانيا: أن الله سبحانه لا يحيط بعلمه أحد من خلقه كما قال تعالى: وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ {البقرة:255} وقال تعالى: وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا {طه:110}
فلا أحد من الخلق أعلم من الله تعالى. قال تعالى أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ {البقرة: 140} وقال تعالى: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ {يوسف: 76}. فلا يصح أن يسأل ويقال: هل العلماء.. ثم إن العلماء الذين هم ورثة الأنبياء يفسرون كلام الله تعالى بكلام الله وبكلام رسوله المبلغ عنه وبما تقتضيه اللغة العربية فإن الله أنزل القرآن عربيا على قوم عرب يعرفون معاني الكلام العربي، وبقي هذا القرآن إلى زمننا هذا باللغة التي نزل بها على عكس بعض الكتب السابقة التي اندثرت لغتها، وترجمت إلى لغات أخرى، وترجمت الترجمة إلى لغات أخرى مما جر إلى تحريف تلك الكتب في ألفاظها ومعانيها، ثم صار فك معانيها وتفسيرها حكرا على علمائهم وادعوا أنهم يتكلمون بإيحاء من الله ففرق بين تفسير علماء المسلمين وغيرهم.
وانظر لمزيد من الفائدة الفتوى رقم:59195، والفتوى رقم: 17498.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني