السؤال
فضيلة الشيخ الكريم حفظه الله
أريد كفالة يتيم عن والدتي رحمها الله والتي توفيت منذ ستة شهور، وأرجو التكرم ببيان التالي: هل يصل الثواب لها (أي) إن قبلت إن شاء الله تعالى تكون بمثابة مجاورة للنبي الكريم بالجنة وفق الحديث الشريف أم ستكون بمثابة صدقة، وما هي كيفية كفالة اليتيم في زماننا هذا، وهل لو قمت بتبرع دوري (شهري أو سنوي)، لإحدى دور رعاية الأيتام هل يكون ذلك كفالة يتيم أم يجب تحديد يتيم بعينه والتكفل بكافة متطلباته، كما أرجو التكرم بيان ماذا علي عمله لبر أمي بعد مماتها رحمها الله غير الدعاء مع التوضيح، بالأمثلة؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد روى مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده من حديث أبي هريرة مرفوعاً: كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة، وأشار بالسبابة والوسطى.
ومعنى كفالة اليتيم: تربيته والقيام بأمره ومصالحه من نفقة وكسوة وتأديب وتربية ونحو ذلك، ولو قدمت ما يكفي لكفالة يتيم لإحدى الجهات الخيرية التي يوثق بها، وقلت لها اجعلي هذا كفالة ليتيم فإنك تكون كافل يتيم، ولا يلزم أن تعين أنت يتيماً بعينه، وأما تبرعك لها بمبلغ شهري فلا يعتبر كافياً في الكفالة إلا إذا حددت جهة الصرف فبينت أنها ليتيم وكانت كافية فعلا لكفالته.
وأما صدقتك عن الأم فإنها يصلها ثوابها إن شاء الله، والتصدق عنها من أعظم البر بها، ومثله إنفاذ عهدها وصلة أقاربها وأصدقائها والاستغفار والدعاء لها، ففي الصحيحين أن رجلاً قال: يا رسول الله: إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله إن أبي مات ولم يوص، أفينفعه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم. رواه أحمد ومسلم.
وروى أبو داود عن مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم.... الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاد عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما.
وقد أجمع أهل العلم على انتفاع الميت بالصدقة عنه، والدليل على انتفاع الميت بذلك ما في الصحيحين: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم. متفق عليه، واللفظ لمسلم. ولما رواه أحمد والنسائي عن سعد بن عبادة أن أمه ماتت، فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت افأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء. قال الحسن: فتلك سقاية آل سعد بالمدينة.
قال النووي رحمه الله في شرح حديث: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية... وفيه أن الدعاء يصل ثوابه إلى الميت، وكذا الصدقة، وهما مجمع عليهما. انتهى.
وقال ابن مفلح في المبدع: وأي قربة من دعاء واستغفار وصلاة وصوم وحج وقراءة وغير ذلك فعلها مسلم وجعل ثوابها لميت مسلم نفعه، قال الإمام أحمد: الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة. انتهى.
والله أعلم.