الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يؤاخذ من تسبب في زوال عقله متعمدا

السؤال

إذا كان الإنسان عاصيا لله وأصابه الحمق (ذهب عقله) إما بسبب المخدرات أو بغير سبب هذا المخدر، أيجعله الله من الذين يدخلون الجنة بغير حساب يعني ممن رفع عنهم القلم، أفيدونا جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن العقل مناط التكليف وكل تكليف يشترط له العقل، ومن فضل الله على عباده أنه إذا أخذ ما وهب (العقل) أسقط ما أوجب، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يعقل وعن الصغير حتى يشب. رواه أحمد وأصحاب السنن.

وعلى هذا، ففاقد العقل بسبب مرض أو جنون أو غير ذلك مرفوع عنه القلم كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر الفتوى رقم: 38109.

وأما من تسبب في زوال عقله متعمدا مختارا فظاهر عموم الأدلة الشرعية أنه لا يدخل في مفهوم هذا الحديث وأمثاله.

فقد حرم الإسلام تناول كل ما يذهب العقل ورتب على من فعل به ذلك استحقاق دية القتل كاملة، وقد قال الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا {النساء: 29-30}

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ وغيره. ولا ضرر أشد من ذهاب العقل، روى النسائي في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من شرب الخمر فجعلها في بطنه لم تقبل له صلاة سبعا، فإن مات فيهن مات كافرا، وفي رواية: فإن أذهب عقله عن شيء من الفرائض لم تقبل له صلاة أربعين يوما فإن مات فيهن مات كافرا.

والحديث تكلم فيه أهل العلم وضعفه بعضهم، وقد رواه ابن ابي شيبة في المصنف وأحمد في المسند أيضا.

وأما حديث: دخلت الجنة فإذا أكثر أهلها البله، فقد رواه البيهقي والبزار والديلمي، وهو حديث ضعيف كما قال الألباني وغيره..

وقيل معناه: البله عن شهوات الدنيا وزينتها والحبائل التي للشيطان فيها. كما قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ {النور: 23} أي الغافلات عما يرمين به من الفحشاء لا يتفكرن فيها ولا تخطر بقلوبهن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني