السؤال
كنت أقرأ رسائل أحدهم من خطيبته؛ وما كنت أتوقع أن أجد فيها ما يثيرني إلى درجة أني فقدت السيطرة على نفسي وغلبني المني ( أمنيت ) كمن يغلبه القيء و لم أكن متعمدا هذا الفعل و لم أكن أقصد الاستمناء لأجل الشهوة إطلاقا، أعرف نفسي شديد التأثر، لكنني لم أكن أتوقع أن أجد في هذه الرسائل ما وجدت و يقع لي ما وقع. إنني أكاد أجن و ما حسبت يوما أن أجد نفسي في هذا الموقف حيث إنني لست من المتطاولين على أحكام الله أو المستهترين بالصوم. فما هو حكمي؟ فإن كانت تلزمني الكفارة فهل لي حرية الاختيار ما بين صيام 60 يوما والإطعام؟ و سؤالي الأخير هل سيتقبل مني الله صيام هذا العام؟ أريحوني بارك الله فيكم إنني أكاد أجن؟ أفتوني على المذهب المالكي بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالظاهر أن خروج المني كان عن عَمْدٍ وقَصْدٍ ما دمتَ قد عرفت ما في تلك الرسائل وواصلت القراءة والتفكر في محتواها حتى كانت النهاية خروج المني، وفي هذه الحالة تكون قد لزمتك الكفارة الكبرى عند المالكية، ففي شرح الدردير ممزوجا بمختصر خليل المالكي أثناء سرده لموجبات القضاء والكفارة في حق الصائم:
(أو) تعمد (منيا) أي إخراجه بتقبيل أو مباشرة بل (وإن بإدامة فكر) أو نَظَرٍ وكان عادته الإنزال ولو في بعض الأحيان من إدامتها، فإن كانت عادته عدم الإنزال منهما لكنه خالف عادته وأنزل فقولان في لزوم الكفارة وعدمه، واختار اللخمي الثاني وإليه أشار بقوله (إلا أن يخالف عادته) فلا كفارة (على المختار) فإن لم يُدِمها فلا كفارة قطعا. انتهى.
وهذه الكفارة ثلاثة أنواع على التخيير عند المالكية، وأفضلها الإطعام لعموم نفعه، وقيل العتق أفضل، ففي شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: والمعنى: أن كفارة الفطر في رمضان على التخيير.. فإن شاء مَلَّك ستين مسكينا والمراد به ما يشمل الفقير لكل واحد مد بمده عليه الصلاة والسلام، فلا يجزئ غداء وعشاء خلافا لأشهب، وإن شاء أعتق رقبة مؤمنة بشرط كمالها وتحريرها للكفارة وسلامتها من عيوب لا تجزئ معها، وإن شاء صام شهرين متتابعين وأن ينوي بهما الكفارة، لكن أفضل هذه الأنواع الإطعام لأنه أشد نفعا لتعديه، والذي يظهر أن العتق أفضل من الصوم لأنه متعد للغير، وقيل الصوم أفضل. انتهى
لكن الذي عليه جمهور أهل العلم عدم لزوم الكفارة في حق الصائم إذا خرج منه منيٌّ في نهار رمضان ولو كان ذلك عمدا كما سبق في الفتوى رقم: 43950. وراجع الفتوى رقم: 1104.
ولا يجوز لك الإقدام على قراءة مثل تلك الرسائل ما دامت مشتملة على أمور محرمة وتشجع على ارتكاب المعاصي والمنكرات، وإن كانت تلك الرسائل خاصة بشخص معين فالاطلاع عليها من باب التجسس وتتبع العورات وهذا أيضا عمل محرم فبادر بالتوبة إلى الله توبة صادقة، وراجع الفتوى رقم: 77776، والفتوى رقم: 46982.
وقبول الطاعات التي يفعلها المسلم هو من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله تعالى. فعلى المسلم الاجتهاد في إتقانها مع الإخلاص فيها لله تعالى، وراجع الفتوى رقم: 28592.
والله تعالى أعلم.