السؤال
جاء في بعض الفتاوى ضمن موقعكم الشبكة الإسلامية مشروعية صيام يوم السبت إذا جمع إليه أيام أخرى.
لكن لدي استفسارات -بارك الله بكم-
ظاهر الحديث يقول بالنهي القطعي وليس فيه استثناء الا قول الرسول صلى الله عليه وسلم "...إلا في فريضة ..." الحديث. كأن يوافق يوما من رمضان , أو نذر , أو قضاء , أو كفارة.......
أما مشابهة صيام يوم السبت بصيام يوم الجمعة من ناحية إمكانية جمع أيام أخرى له, فقد جاء في صيام يوم الجمعة : جاء في الحديث :.......إلا في صوم يصومه أحدكم . الحديث. ولم يرد مثل هذا في صيام السبت.
كما جاء استشهادكم بصيام داوود عليه السلام . أفلا يحمل صيام داوود عليه السلام على أنه كان مباحا لهم صيام يوم السبت , وقد نهينا نحن عنه , كما لو قلنا في مسألة سجود إخوة يوسف عليه السلام.
وكما هو معلوم "من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه" فالذي ينوي صيام يوم عرفة إن وافق يوم السبت مثلا وتركه طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعسى الله أن يكتب له أجر الصيام , وأجر طاعة الرسول في النهي عن صيام يوم السبت.
وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن جواز صيام يوم السبت إذا أضيف إليه غيره ليس مستفادا من مشابهته لما جاء في صيام يوم الجمعة إذا أضيف إليه غيره فقط، بل قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم يوم السبت ويوم الأحد؛ كما في صحيح ابن خزيمة عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد، كان يقول: إنهما يوما عيدٍ للمشركين وأنا أريد أن أخالفهم. والحديث رواه الحاكم في المستدرك، والنسائي في السنن الكبرى، وابن حبان في صحيحه، وقد حمل الجمهور النهي في الحديث عن إفراد يوم السبت بالصيام على الكراهة فقط وليس على التحريم، قال الترمذي: ومعنى كراهته في هذا أن يخص الرجل يوم السبت بصيام لأن اليهود تعظم يوم السبت. انتهى. كما ذكرالعلماء أن إفراده بالصيام في صيام داود لا كراهة فيه، وقالوا: إنه مثل إفراده في الصيام الواجب، قال في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي عند كلامه على ما روى الترمذي عن عبد الله بن بسر عن أخته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض الله عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه. قال الطيبي: قالوا: النهي عن الإفراد كما في الجمعة، والمقصود مخالفة اليهود فيهما، والنهي فيهما للتنزيه عند الجمهور، وما افترض يتناول المكتوب والمنذور وقضاء الفوائت وصوم الكفارة، وفي معناه ما وافق سنة مؤكدة كعرفة وعاشوراء، أو وافق وردا، وزاد ابن الملك: وعشرة ذي الحجة، أو في خير الصيام صيام داود. انتهى .
ومن هذا يتبين أن جواز صيام يوم السبت إذا أضيف إليه يوم ليس لمشابهته لحكم صيام يوم الجمعة فقط، وأن النهي عن إفراده بالصيام محمول على الكراهة عند الجمهور وليس على التحريم، وأن صيام السنة المؤكدة كيومي عاشوراء وعرفة مثل الصيام الواجب في جواز إفراد يوم السبت بالصيام إذا اتفق ذلك في هذه الحالات، وكذلك إذا اتفق إفراده في صوم يوم وفطر يوم صيام داود عليه السلام، كما ذكر ذلك شراح الحديث من أهل العلم.
وما ذكر الأخ السائل من احتمال اختصاص داود بجواز صيام السبت غير وارد هنا لأن النبي صلى الله عليه وسلم مدح صيام يوم وفطر يوم وندب إليه، وقال إنه أفضل الصيام وهو صيام داود، ومن المحتمل أن يوافق من داوم على هذا الصيام إفراد يوم السبت، فدل هذا على ما ذكر العلماء من انتفاء كراهة إفراده في هذا الصيام كما تقدم.
فالحاصل أن صيام يوم عرفة ولو وافق يوم السبت هو الذي يوافق طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.