الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصلاة على السجاد المشتمل على تصاوير أو صلبان ونحوها

السؤال

يوجد بالحي الذي أسكنه مسجد تقام فيه جميع الصلوات، ولكن بعض الفرش والبسط التي بالمسجد توجد عليها كلمات مكتوبة باللغة الإنجليزية مثل كلمة: (sex)، وكذلك بعض الرسوم التخطيطية مثل الصليب المعكوف النازي والصليب العادي، وكذلك رسوم لبعض الإشارات الإباحية بأشكال هندسية معينة. فهل تجوز الصلاة على مثل هذه الفرش؟ وما هو الحل لمثل هذه المشكلة؟ علماً أنني تحدثت مع اللجنة المشرفة على المسجد، ولكن لا حياة لمن تنادي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فوجود الصليب في الثياب، أو الستور، أو البسط ونحوها مكروه عند جمهور أهل العلم، وذهب الحنابلة في وجه لهم إلى التحريم، وهو الذي صوبه المرداوي في الإنصاف قائلاً: يكره الصليب في الثوب ونحوه على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب، ويحتمل تحريمه، وهو ظاهر نقل صالح. قلت: وهو الصواب. انتهى.

وما صوبه المرداوي هو الراجح، لما أخرجه أبو داود عن عائشة -رضي الله عنها-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان لا يترك شيئاً فيه تصليب إلا قضبه. والقضب: القطع. وقولها: (شيئاً) يشمل الملبوس والمستور والفرش وغيرها.

وأخرج أحمد عن أم عبد الرحمن بن أذنية قالت: كنا نطوف مع عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- فرأت على امرأة برداً فيه تصليب، فقالت أم المؤمنين: اطرحيه اطرحيه، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى نحو هذا في الثوب قضبه.

وأخرج ابن أبي شيبة أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: كان يحرق ثوباً فيه صليب، ينزع الصليب منه.

ويلحق بحكم الصليب هنا كل ما كان شعاراً لأهل الكفر، أو الفسوق ونحوها من الإشارات والكلمات الدالة على الكفر، أو المروجة للرذيلة للاشتراك في العلة الجامعة.

وإذا صلى المسلم بالثياب المحتوية على الصلبان، أو شعارات أهل الكفر أو الفسق مع وجود غيرها، فإنه عاص قطعاً، والراجح أن صلاته صحيحة، وتكره الصلاة في كل ما يلهي، ولو لم يكن مما مر، ومن صلى فالتهى به فصلاته صحيحة، ولا إعادة عليه، لما أخرجه البخاري ومسلم-واللفظ له- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي في خميصة ذات أعلام فنظر إلى أعلامها، فلما قضى صلاته، قال: اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جهم بن حذيفة وأتوني بأنبجانية، فإنها ألهتني آنفاً في صلاتي.

قال النووي في المجموع: وفي الحديث الحث على حضور القلب في الصلاة، وتدبر تلاوتها وأذكارها ومقاصدها من الانقياد والخضوع، ومنع النظر من الامتداد إلى ما يشغل، وإزالة كل ما يخاف إشغال القلب، وكراهة تزويق محراب المسجد وحائطه ونقشه، وغير ذلك من الشاغلات، وفيه أن الصلاة تصح وإن حصل فيها فكر واشتغال قلب بغيرها، وهذا بإجماع من يعتد به في الإجماع. انتهى.

وأخرج البخاري عن أنس قال: كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أميطي عنا قرامك هذا، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي.

قال النووي في المجموع: وأما الثوب الذي فيه صور، أو صليب، أو ما يلهي، فتكره الصلاة فيه، وإليه وعليه للحديث. انتهى.

وقال ابن الأمير الصنعاني في سبل السلام: وفي الحديث دلالة على إزالة ما يشوش على المصلي صلاته مما في منزله، أو في محل صلاته، ولا دليل فيه على بطلان الصلاة، ولأنه لم يرو أنه -صلى الله عليه وسلم- أعادها. انتهى.

والحاصل أنا نوصيك بإرشاد القائمين على المسجد إلى إزالة كل ما يلهي المصلي في صلاته من نقوش في البسط ونحوها، أما ما كان فيها من صليب، أو شعار لأهل الكفر، أو الفسق، فإنه يلزمهم قضبها، أو طمسها، أو إزالتها لحرمة اتخاذها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني