السؤال
فالسؤال عن جواز اتخاذ ساعة جيب من ذهب، مع العلم بأني مصاب بالفصام الحاد فساعة أفكر أني ولد الله الوحيد وروحي مخلوقة من نور وجه الله، تعالى الله أن يتخذ ولدا سبحانه وعقلي بين الجنون زواله يتقلب مع الساعات والدقائق وقد تعلق قلبي بساعة جيب من ذهب، مع العلم بأني لا أملك الكثير من المال فلتوفير ثمنها أحتاج إلى سنة وقد أجاب فضيلتكم عن سؤالي في السابق حيث قلتم إن مثل هذه الساعة لا تجوز لكونها تكسر قلوب الفقراء، مع العلم بأن الكثير من العلماء ردوا على هذه الحجة بأن ما هو أثمن من الذهب كالجواهر مباح ولا يستطيع أحد أن ينكر إباحته لذلك فهذه ليست بحجة ولو كنت دوما بعقلي ما فكرت بها وإن كانت مباحة فأنا طالب علم يبحث عن أعلى المنازل في الجنة وما أنا من هواة الدنيا مع العلم بأني أسكن السويد وليس هنا فقير أكسر قلبه فإن لم يوجد نص صريح أو قياس صحيح في التحريم فبلغوني بالإباحة لاجتناب المشكلة وإن برهن التحريم فلا أدري كيف أعمل إن إشتريتها في وقت جنوني لسبب أن بيعها بعد زوال الجنون وذلك لا يتجاوز الساعة أحيانا سيكلفني خسارة نصف الثمن أو أكثر كذلك بعد توفر المال من جديد تستجد المشكلة وهذه الأنواع من الساعات تطلب توصية خاصة بعد رؤيتها في الصورة ثم دفع الثمن فيقوم البائع بالاتصال لشحنها إليه حين ذاك وبأقل من نصف ساعة يقضى الأمر ولا عودة لي في مثل تلك المتاجر إذا شحنت الساعة فإن كانت محرمة أو أضعها جنبا لأوقات الجنون أفتوني وفقكم الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فللجواب على هذا السؤال نشير إلى الأمور التالية:
1- أن تحريم الذهب على الرجال قد ورد صريحاً في السنة، فقد روى أصحاب السنن إلا الترمذي أن ابن زرير الغافقي سمع عليا رضي الله عنه يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً فجعله في يمينه وأخذ ذهباً فجعله في شماله ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي. ورواه الإمام أحمد أيضاً في المسند، وروى الترمذي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم.
2- أن علة تحريم الذهب على الرجال ليست كسر قلوب الفقراء فقط، بل من أهل العلم من قال إن علة التحريم هي الإسراف والخيلاء، وإنما رخص للنساء لحاجتهن إلى التزين لأزواجهن.
3- قولك إنك تسكن السويد وليس فيها فقير تكسر قلبه يتعارض مع قولك إنك لا تملك الكثير من المال، ولتوفير ثمن هذه الساعة تحتاج إلى سنة.
4- أنك إذا اشتريتها في وقت جنونك لا يلزم أن تبيعها بعد زوال الجنون، بل يمكنك أن تهبها لزوجتك أو أختك أو غيرهما من قرابتك، وإذا لم تكن تريد ذلك فيمكنك الاحتفاظ بها إلى أن تبيعها بالسعر الذي تريده، أو تستخدمها في الوقت الذي لا تكون فيه مكلفاً (أي وقت الجنون)، إذ ليس من المحرم أن يمتلك الرجل ذهباً للاتجار أو للعاقبة... وإنما المحرم استعماله كما تستعمله النساء.
5- أنك وقت الجنون لا تعي شيئاً من أفعالك، ولا يستبعد -والحالة هذه- أن تضيع منك الساعة، فتخسر ثمنها كله، ولا شك أن ذلك أشد من خسران نصف ثمنها.
6- أنك إذا كنت طالب علم تبحث عن أعلى المنازل في الجنة، وأنك لست من هواة الدنيا، فينبغي أن تقنع بما قنع به سائر المسلمين من هواة الدنيا وغيرهم، وتعلم أن الورع هو ترك جميع الشبهات ولو افترضنا أن القول بالتحريم ضعيف.
والله أعلم.