السؤال
نحن البدو عندنا إذا جاء ضيف نحلف عليه نقول والله الغداء عندي وهو يقول لا والله ما أجيك، بغيت أعرف ماهو الحكم؟ وجزاكم الله خيراً.
نحن البدو عندنا إذا جاء ضيف نحلف عليه نقول والله الغداء عندي وهو يقول لا والله ما أجيك، بغيت أعرف ماهو الحكم؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أنه ينبغي للمسلم أن لا يكثر الحلف بالله سبحانه، لأن في ذلك ما يشعر بعدم تعظيمه الله، كما أن فيه نوع جرأة عليه سبحانه وتعالى، والله يقول: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ {البقرة:224}، ويقول: وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ {المائدة:89}، ثم إذا حلف المرء على غيره فعليه أن يبر قسمه إذا لم يكن في ذلك عليه من حرج، ففي حديث متفق عليه عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع، أمرنا: باتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإجابة الداعي، ونصر المظلوم، وإبرار القسم، ورد السلام، وتشميت العاطس. ونهانا عن: آنية الفضة، وخاتم الذهب، والحرير، والديباج، والقسي، والإستبرق.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن الحالف هنا إما أن تكون اليمين جارية على لسانه من غير قصد، وإما أن يكون قاصداً لها بحلفه، فإن كان الأول فذاك هو يمين اللغو عند الشافعية والحنابلة، وقال به شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم وابن حزم الظاهري، وهو الراجح لقول الله تعالى: لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ {البقرة:225}، ولما أخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها من قولها: أنزلت هذه الآية (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ) في قول الرجل لا والله وبلى والله. وعلى هذا التقدير فلا مؤاخذة على أي من الحالفين.
وإن كان الحالفان قد قصدا بحلفهما عقد اليمين، فإن حنث الضيف نفسه فواضح، وإن أصر على الرفض قضي بتحنيث الآخر، ما لم يكره الضيف، فإن أكره فلا حنث على أحد منهما، قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: وإن حلف صانع طعام على غيره لا بد أن تدخل فحلف الآخر لا دخلت حنث الأول. قال الشيخ الدردير: أي قضي بتحنيثه لحلفه على ما لم يملكه؛ بخلاف الثاني فإنه حلف على أمر يملكه إن لم يحنث الثاني نفسه بالدخول طوعاً وإلا فلا حنث على الأول، ولو أكره على الدخول لم يحنث واحد منهما.
وما ذكره الدردير هو الذي عليه أكثر أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: فإن قال: والله ليفعلن فلان كذا أو لا يفعل، أو حلف على حاضر فقال: والله لتفعلن كذا فأحنثه ولم يفعل، فالكفارة على الحالف، كذا قال ابن عمر وأهل المدينة وعطاء وقتادة والأوزاعي وأهل العراق والشافعي، لأن الحالف هو الحانث فكانت الكفارة عليه كما لو كان هو الفاعل لما يحنثه، ولأن سبب الكفارة إما اليمين وإما الحنث أو هما، وأي ذلك قدر فهو موجود في الحالف.
ومن أهل العلم من فصل بين أن يكون الحالف يظن أن المحلوف عليه سيطيعه، وبين من لا يظن ذلك، فيحنث في الثاني دون الأول، جاء في الموسوعة الفقهية: ... وقد فصل شيخ الإسلام ابن تيمية بين الحلف على من يظن أنه يطيعه، والحلف على من لا يظنه كذلك، فقال: من حلف على غيره يظن أنه يطيعه فلم يفعل فلا كفارة لأنه لغو، بخلاف من حلف على غيره في غير هذه الحالة، فإنه إذا لم يطعه حنث الحالف ووجبت الكفارة عليه.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني