السؤال
كنت سألتكم منذ شهر (رقم الفتوى 80774) عن كيفية أن أزور والدي الذي يعيش وحيدا منذ 8 أشهر بعد طلاقه من أمّي حيث إنّني لم أزره خوفا من بطشه وأنّه كان دائما يتوعّدنا بالسجن وبافتعال مشاكل وقد سبق وأن فعل ذلك مع أختي في مناسبتين بادّعائه أنّها ضربته وهو ما لم يحدث بتاتا وهدّد بسجني وأخي، وذلك للضغط على أمّي لتعود إليه مكرهة. وقبل أيام هاتفني والدي فتكلّمت إليه بكلّ لطف ولين وعدت لبلدي وقابلته وتحدّثت معه وحاولت بكل صدق أن أقنع أمّي بأن تعود إليه إلاّ أنّها رفضت نظرا لأنّه كان دائما يهدّدها بالقتل. وقد حدث ما لم يكن أحد يتصوّره فقد انتحر والدي وأحرق المنزل كاملا.
سؤالي هو هل أعتبر مذنبا في حقّ والدي؟ وكيف أعمل لأكفّر عن ذنوب والدي ليرحمه الله ويغفر له؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا فإنّي أعيش حالة نفسية صعبة جدّا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأحسن الله عزاءك في والدك، ونوصيك بالصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى، قال سبحانه: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ {البقرة:155-157} وقد أحسنت في حرصك على بر والدك في حياته، وإن لم يحدث منك شيء من العقوق أو الإساءة تجاهه فلا يلحقك ذنب.
وإن كان والدك قد مات على الحال الذي ذكرت بالسؤال السابق أنه علماني ولم يصل في حياته، وأنه يسخر من كل من يؤمن بالله ورسوله أو يصلي، فإن مات على هذا الحال فلا يجوز لك الدعاء له أو الاستغفار أو فعل أي من الأعمال الصالحة له، ولا ينتفع بذلك من مات كافرا. قال تعالى: [مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ] {التوبة:113} وأما إن علمتم منه توبة ورجوعا إلى الحق فلا حرج في الدعاء والاستغفار له وبره بأي من أنواع البر التي يمكن أن يبر بها بعد موته عسى الله أن يغفر له. وراجع الفتوى رقم:10602، ونرجو أن تراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 21282.
والله أعلم.