السؤال
ما معنى حديث الرسول: أخبرنا القاسم بن كثير، قال: سمعت عبد الرحمن بن شريح يحدث عن أبي الأسود القرشي عن أبي قرة مولى أبي جهل عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه السورة لما أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليخرجن منها أفواجا كما دخلوه أفواجا، هل سيترك الناس دينهم أفواجاً كما دخلوه؟ وهل هذا من علامات الساعة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمعنى هذا الحديث يتضح من خلال تفسير سورة النصر المذكورة فيه، ففي تفسير ابن كثير: وأما ما فسر به ابن عباس وعمر رضي الله عنهما من أن هذه السورة نعي فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم روحه الكريمة، واعلم أنك إذا فتحت مكة وهي قريتك التي أخرجتك ودخل الناس في دين الله أفواجاً، فقد فرغ شغلنا بك في الدنيا فتهيأ للقدوم علينا والوفود إلينا، فالآخرة خير لك من الدنيا، ولسوف يعطيك ربك فترضى، ولهذا قال: فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً.
قال النسائي: أخبرنا عمرو بن منصور حدثنا محمد بن محبوب، حدثنا أبو عوانة عن هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح إلى آخر السورة قال: نعيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه حين أنزلت، فأخذ في أشد ما كان اجتهاداً في أمر الآخرة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: جاء الفتح وجاء نصر الله وجاء أهل اليمن، فقال رجل: يا رسول الله وما أهل اليمن؟ قال: قوم رقيقة قلوبهم لينة قلوبهم،الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان. وقال البخاري: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي. يتأول القرآن. وأخرجه بقية الجماعة إلا الترمذي من حديث منصور به. انتهى.
والحديث المذكور رواه الحاكم في المستدرك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليخرجن منه أفواجاً كما دخلوا فيه أفواجاً. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. لكن ذكر الشيخ الألباني ضعف زيادة: إن الناس دخلوا في دين الله أفواجاً وسيخرجون منه أفواجاً.
وفي مسند الإمام أحمد حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن الأوزاعي حدثني أبو عمار حدثني جار لجابر بن عبد الله قال: قدمت من سفر فجاءني جابر بن عبد الله يسلم علي، فجعلت أحدثه عن افتراق الناس وما أحدثوا، فجعل جابر يبكي ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس دخلوا في دين الله أفواجاً، وسيخرجون منه أفواجاً. قال شعيب الأرناؤوط: إسناده ضعيف لجهالة جار جابر بن عبد الله. فتبين من هذا أن الحديث صححه بعض أهل العلم وضعفه بعضهم.
وقد دلت الآثار الصحيحة على أن المسلمين في آخر الزمان يضعف تمسكهم بدينهم شيئاً فشيئاً حتى يكون المتمسكون به بمثابة الغرباء أو كالقابضين على الجمر لشدة ما يلاقون من الفتن التي تصدهم عن دينهم، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ غريباً، فطوبى للغرباء. وفي سنن الترمذي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر. قال الترمذي: حديث غريب. وصححه الشيخ الألباني.
وفي صحيح ابن حبان عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة. رواه ابن حبان في صحيحه، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب والجامع الصغير. وقد وردت أحاديث في ارتداد جماعات ممن دخل في الإسلام؛ كقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي وغيره وصححه الترمذي عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى يعبدوا الأوثان. هذا إضافة إلى أن من علامات قرب الساعة رفع العلم، وظهور الجهل.. إلى آخر العلامات المذكورة في الفتوى رقم: 36791، مع أن الساعة لا تقوم إلا على أشرار الناس، كما تقدم في ذلك الفتوى رقم: 59167.
والله أعلم.