السؤال
سؤالي على الجوائز، وصل لصديقي إيميل أنه ربح مبلغا من المال وطلبوا منه رقم الرصيد لكي يحولوا الفلوس لما أعطاهم بياناته ردوا إيميل من البنك الذي سوف يحول الفلوس مش من الشركة التي أعطته الجائزة أنه يجب عليه أن يدفع ضرائب التحويل فقط، يعني المبلغ هو في البنك، فهل يدفع ضرائب التحويل، مع العلم بأن الجائزة من شركة رسمية في بريطانيا وصديقي عايش في المانيا وسيتم دفع الجائزة خلال 48 ساعة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبه بداية إلى أن غالب هذه الرسائل التي يتم تداولها عبر الإيميل يدخلها الغش والنصب والاحتيال لأكل أموال الناس بالباطل عن طريق إيهامهم أنهم ربحوا جائزة من شركة ما، مثل شركات الإيميل المعروفة مثل الياهو والهوت ميل ونحوهما، ثم يطلبون بيانات الشخص الفائز ورقم حسابه البنكي، ويطالبونه بدفع أجرة التحويل مقدماً، فإذا دفع استولوا على هذا المبلغ الذي دفعه -وغالباً ما يكون كبيراً- وقطعوا الاتصال به، وربما سطوا على حسابه في البنك من خلال البيانات التي أرسلها لهم، فيتعين الحذر من ذلك وسؤال البنك أو الشركة التي أرسل الإيميل باسمها عن حقيقة الأمر، ولا يكفي في ذلك الاعتماد على الإيميل الذي تتعدد طرق المحتالين في اختراقه وسرقته.
وأما بالنسبة لحكم المسألة على فرض أنها ليست نصباً واحتيالاً، فإذا كان هذا المبلغ من حصيلة القمار المحرم -سواء اشترك فيه أم لم يشترك- فإذا حصل عليه فإن عليه أن ينفقه في مصالح المسلمين كما هو الشأن في أموال القمار والميسر التي يجهل أصحابها، فإن ملكيتها تؤول إلى عموم المسلمين وترصد لمصالحهم. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 7727.
ولا بأس بأن يدفع أجرة أو ضريبة على تحويل هذا المبلغ وتخليصه للمسلمين، ثم يستوفيها منه، وينفق الباقي في مصارفه الشرعية، بل إن بذل في سبيل ذلك جهداً معتبراً كان له أن يتقاضى عليه أجرة بالمعروف بقدر جهده. قال شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله: من عمل في مال غيره عملا بغير إذنه ليتوصل بذلك العمل إلى حقه، أو فعله حفظا لمال المالك واحترازاً له من الضياع فالصواب أنه يرجع عليه بأجرة عمله، وقد نص عليه الإمام أحمد رضي الله عنه في عدة مواضع:
منها: أنه إذا حصد زرعه في غيبته فإنه نص على أنه يرجع عليه بالأجرة، وهذا من أحسن الفقه، فإنه إذا مرض أو حبس أو غاب فلو ترك زرعه بلا حصاد لهلك وضاع، فإذا علم من يحصده له أنه يذهب عليه عمله ونفقته ضياعاً لم يقدم على ذلك، وفي ذلك من إضاعة المال وإلحاق الضرر بالمالك ما تأباه الشريعة الكاملة، فكان من أعظم محاسنها أن أذنت للأجنبي في حصاده والرجوع على مالكه بما أنفق عليه حفظاً لماله ومال المحسن إليه، وفي خلاف ذلك إضاعة لماليهما أو مال أحدهما.
ومنها: ما نص عليه فيمن عمل في قناة رجل بغير إذنه فاستخرج الماء قال هذا الذي عمل نفقته.
ومنها: لو انكسرت سفينته فوقع متاعه في البحر فخلصه رجل فإنه لصاحبه وله عليه أجرة مثله، وهذا أحسن من أن يقال لا أجرة له فلا تطيب نفسه بالتعرض للتلف والمشقة الشديدة ويذهب عمله باطلا أو يذهب مال الآخر ضائعاً، وكل منهما فساد محض، والمصلحة في خلافه ظاهرة، والمؤمنون يرون قبيحاً أن يذهب عمل مثل هذا ضائعاً ومال هذا ضائعاً، ويرون من أحسن الحسن أن يسلم مال هذا وينجح سعي هذا. والله الموفق.
أما إذا لم يكن من حصيلة القمار المحرم، وإنما كان جائزة تشجيعية من بعض الشركات للمتعاملين معها فلا بأس أن يتملكه، وأن يدفع ضريبة على تحويله إذا لم يمكنه الحصول على المبلغ بغير ذلك.
والله أعلم.