السؤال
توفيت زوجة أخي وتركت له طفلان وهو مسافر فدلته أختي وأبي على ابنة عمتنا ليتزوجها وترعى الأولاد فأرسل توكيلا لأبي وتم عقد القران، وبعد ذلك بفتره اكتشفت أنها سيئة السلوك ولا تتقي الله وتخرج من البيت وتقول إنها ذاهبة إلى أختي ولا تذهب عندها وتكذب علي وعلى والدتها وعلى زوجها وعندما تأكدت من ذلك أخبرت أخي ووالدي وإخوتي فثار أخي وقاطعني وكذلك والدي، فهل أنا مخطئة فى إخباري لهما، وهل إن قاطعتهم يعتبر هذا قطعا لصلة الرحم، وهل الذي يقول الحق يكون سيئا هذه الأيام، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كان الواجب عليك وقد تأكدت من وقوع البنت في بعض المخالفات كالكذب وغيره أن تنصحيها وتخوفيها عقاب الله تعالى إذا لم تتب وتقلع عن هذا الذنب، فإن لم يفد ذلك وأصرت على ما هي عليه فلا بأس أن تهدديها بإخبار من تخشى سطوته وغضبه عليها لأجل نصحها لا لفضحها والتشهير بها، وليكن ذلك بأسلوب هين لين، وللمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 1039.
وبناء عليه فقد اخطأت في الأسلوب الذي اتخذتيه معها والطريقة التي أخبرت والدك وأخاك بها، ولذا ربما أنهما اتهماك بالوقيعة في عرضها لهوى أو لعداوة بينكما فالحكمة في ذلك مطلوبة، كما قال الله تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {النحل:125}، ومن الحكمة مراعاة لين المنطق ومراعاة مقتضى الحال، قال المناوي في فيض القدير: ومن لم يجعل القول في موضعه أدى إلى التنافر والتقاطع والتدابر. فالذي كان ينبغي فعله إذاً هو ما ذكرناه سابقاً.
واعلمي أنه لا تجوز لك مقاطعة أبيك أو الإعراض عنه أو التطاول عليه برفع الصوت أو غيره، وعليك السعي في بلوغ رضاه وطاعته ما لم يأمرك بمعصية، كما لا يجوز لك مقاطعة أخيك وإن فعل هو فالإثم عليه دونك، فالمقاطعة لمن تجب صلة رحمه من قطيعة الرحم المحرمة سيما مع الوالدين، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 16726، والفتوى رقم: 23434.
فقولي الحق ومري بالمعروف وانهي عن المنكر ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة، واعلمي أن قول الحق مر المذاق ليس في هذه الأيام فحسب بل كان ذلك قديماً وهو باق، ولذلك قال تعالى: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ {العصر:3}، فعقب التواصي بالحق بالتواصي بالصبر، لما قد يترتب غالباً على التواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأذية، وانظري في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7583، 78403، 332404.
والله أعلم.