الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنبدأ بالجواب عن سؤالك الثالث؛ لأن جوابه يتعلق به الجواب على بعض الأسئلة الأخرى، فنقول: إن الراجح من أقوال أهل العلم هو ما عليه الجمهور من أن الزكاة لا تجب إلا فيما يكال ويقتات كالبر والأرز والتمر والزبيب والفول ونحو ذلك، وأنها ليست في الفواكه والخضروات والبقول والقصب؛ لأنها ليست مما يكال. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 29066.
كما أنها ليست في البرسيم أيضا. ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 3438.
على أنه يخرج في الزكاة عشر الخارج أو نصف عشره. فالعشر فيما سقي بغير كلفة, كالذي يشرب بماء المطر أو بماء الأنهار سيحا, أو بالسواقي دون أن يحتاج إلى رفعه غرفا أو بآلة. ويجب فيما يسقى بكلفة نصف العشر, سواء سقته النواضح أو سقي بالدوالي, أو السواني أو الدواليب أو النواعير أو غير ذلك.
وأما عن سؤالك الأول، فإن أهل العلم قد اختلفوا فيما إذا كانت مؤنة الزراعة تحط من المحصول قبل زكاته ثم تكون الزكاة فيما بقي إذا كان بالغا نصابا، أم أن جميع المحصول يزكى ولا ينظر إلى المؤونة. والذي نميل إلى رجحانه هو القول الأول، رغم أن جمهور أهل العلم على خلافه. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 20774.
وقد قيد بعض أهل العلم حساب المؤونة بما إذا لم يكن في المحصول أمور لا زكاة فيها كالخضروات والحشائش، وهو تقييد حسن. قال في المغني: فإن كان في غلة الأرض ما لا عشر فيه, كالثمار التي لا زكاة فيها, والخضراوات, وفيها زرع فيه الزكاة, جعل ما لا زكاة فيه في مقابلة الخراج, وزكي ما فيه الزكاة, إذا كان ما لا زكاة فيه وافيا بالخراج. وإن لم يكن لها عليه إلا ما تجب فيه الزكاة, أدى الخراج من غلتها, وزكي ما بقي.
وعليه، فإن كان الذي عندك من البصل والطماطم، وما ذكرته من الحشائش مثل البرسيم والقصب وغيره، يمكن أن يحصل منه ما يفي بجميع مؤن السنة الحالية، فإن الواجب هو أن تزكي كل ما فيه الزكاة من المحصول، بغض النظر عما صرفته من التمويل.
وإن كان لا يفي بذلك، فإن الزائد من المؤن يحط من المحصول ويركى باقيه.
وأما خسارة الموسم الماضي فلا علاقة لها بزكاة هذه السنة، إذ لم نقف على قول لأي من أهل العلم بأن الخسارة في السنين الماضية تؤثر على زكاة السنة الحاضرة، بقي أن ننبه إلى أن البذور لا ينبغي أن تحسب في التكلفة فيحط مثلها أو قيمتها من الموجود عند الحصاد.
وحول سؤالك الرابع، فإن المحصول إذا كان بالغا نصابا فإنه يزكى ولا ينظر إلى تزكيته الماضية ضمن زكاة أصله؛ لأن زكاة الحرث ينظر فيها إلى الحصاد ولا علاقة لها بالحول. قال تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام: 141]. وقال الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى-: وإن وجبت زكاة في عينها زكى, ثم زكى الثمن لحول التزكية.
وحول سؤالك الخامس، فإن خالتك وأولادها الذين ذكرت أن دخلهم لا يكفي احتياجاتهم الشهرية، فإنهم أولى بزكاتك من غيرهم، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 28867 ، ولكن المخرج من الزكاة إذا كان كثيرا بحيث لو أعطي جميعه لهم لجعلهم يملكون أكثر من قوت سنتهم، فإن الواجب -حينئذ- هو إشراك غيرهم من الفقراء معهم؛ لأن الواجب في الزكاة أن لا يعطى الفقير أكثر من قوت عامه.
والله أعلم.