السؤال
أنا شاب كاتب كتابي على بنت فاضلة جداً، ولكني قبل كتب الكتاب كانت دائما ما تهاجمني وساوس وأحاديث نفس أني سأطلقها وفي إحدى المرات كنت أتحدث مع أبي وقلت له أترك زواجها لأني والله العظيم سأطلقها لو تزوجتها، ولكن نيتي لا أعلمها، ولكن الغالب أن نيتي لم تكن كذلك لأن تلك الوساوس فعلا أثرت علي كثيراً فهل هذه تحتسب طلقة أم ماذا، ثانيا: كنت جالسا معها مرة وجاءني هاجس ووسواس وقلت أنت طالق، ولكني لم أتلفظ بها نهائيا يعني قلتها في سري وأنا متأكد أنه وسواس فهل تحتسب طلقة.ثالثا: أشعر بالخوف الشديد من أني عند الموت لن أستطيع أن أقول الشهادة وأن الله لن يتقبل أعمالي وأني سوف أدخل النار ودائما ما أحدث نفسي بذلك لأنني تزوجت البنت وأني سوف أظلمها معي وبصراحة فاض بي الكيل من هذه الأشياء مع أن زوجتي لا غبار عليها في شيء نهائيا، فعلا ماذا أفعل وما هي فتواكم فيما سبق، أنقذوني يرحمكم الله أرجوكم أفتوني وصفوا لي العلاج، ولكن أرجوكم سريعا؟ ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته خلال سؤالك لا يقع به طلاق ولو كان صريحاً فيه لعدم ملكه لها، وكذا قسمك لأبيك أنك ستطلقها لو تزوجتها فهذا ليس طلاقاً، ولكن عليك أن تكفر عن يمينك لعدولك عما حلفت عليه وهو الصواب فقد روى الإمام مسلم في صحيحة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه.
وما دار في خلدك وفكرك وحدثت به نفسك ولم تنطق به لا يعد طلاقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
وبناء عليه فزوجتك لا تزال باقية في عصمتك، وما ذكرته لا يعد طلاقاً حتى ولو صدر منك بعد العقد فدع عنك الأوهام والوساوس لئلا تؤدي بك إلى ما هو أسوأ من ذلك، فتحرم عليك زوجك وطعامك وثيابك وغيرها فهي من الشيطان، وعلاجها تركها والإعراض عنها ومجاهدة النفس على عدم الاسترسال معها، ولمعرفة كيفية علاج الوسواس وأثره وحكم طلاق الموسوس انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3086، 10355، 56096.
وأما شعورك بالخوف الشديد من الموت والخوف من عدم نطق الشهادة عنده، فإن كان يحملك على الإكثار من الطاعات والبعد عن المعاصي والسيئات فهو خوف محمود إذا لم يصل بك إلى درجة اليأس والقنوط، لقول الله تعالى: وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87}، وقوله: قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ {الحجر:56}، وقوله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
فاليأس والقنوط من رحمة الله ومغفرته وتوفيقه لا يجوز، كما لا يجوز الأمن من مكره. وشأن المؤمن الموازنة بين الأمرين فيعيش بين خوف ورجاء: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ {الزمر:9}، وقوله تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا {الإسراء:57}.
وأما مجرد الخوف إذا لم يكن باعثاً على فعل الطاعات والبعد عن السيئات، أو كان خوف يأس فهذا ينافي ما أمر الله به شرعاً، فلا يجوز. وعلى المؤمن أن يجاهد نفسه على الابتعاد عن ذلك لأنه من الشيطان ووساوسه، فعليك أن تعرض عنه صفحا، وتكون كما ذكرنا بين خوف ورجاء لا إلى خوف محض ولا إلى رجاء محض، وانظر في ذلك الفتويين: 13448، 17814. نسأل الله تعالى أن يلبسك ثوب الصحة والعافية، ويزيل عنك ما تجده من الوساوس والأوهام، ويوفقك لطاعته ويباعد بينك وبين معصيته، ويثبتك عند سؤال الملكين. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.