السؤال
أنا سيدة متزوجة منذ أربعة عشر سنة تقريبا ولدي طفلان, كنت أعيش مع زوجي في سعادة واستقرار, فزوجي رجل طيب ومتدين, إلى أن وقعت بعض الخلافات بيننا تشملها سوء التفاهم والغيرة المبالغ فيها وعندما يكون في أشد غيظه يتلفظ بكلمة "أنت طالق" وأحيانا يقول "أنت مطلقة مطلقة مطلقة" هكذا ثلاث مرات, وقد كرر هذا مرات عديدة وكان بعد كل مرة إما يهجرني في الفراش مدة تصل إلى شهرين أحيانا وكان في هذه المدة يقيم معي في البيت لكن في الليل ينام عند أهله وبعدها نتصالح ونتعاشر فيما بيننا, وإما نتصالح سريعا. مشكلتي الآن هي أن زوجي كثير الوسواس ويعتقد أنني الآن محرمة عليه شرعا مع أننا استشرنا عدة فقهاء في هذا الأمر وأجمعوا على أن الطلاق غير ثابت لأنه كان في لحظة غيظ, وقد أحضرنا عالما متفقها إلى البيت وقد حاول إقناعه وقرأنا الفاتحة لكن دون جدوى, فهو يقول إنني لا زلت محرمة عليه, حاولت اقتراح بعض الحلول كالطلاق رسميا ثم إعادة الزواج لكنه رفض بحجة أن هذا حدث أكثر من ثلاث مرات, يعني أنني يجب أن أنكح أحدا غيره يعني يلزمني محلل وهو رافض هذه الفكرة تماما لشدة الغيرة وأنا أيضا لا أستطيع فعل ذلك لأنني أحب زوجي إلا إذا تم عقد الزواج دون أن أرى هذا الشخص, فأنا الآن في مشكلة كبيرة لا أعرف ماذا أفعل خصوصا أن زوجي الآن يطلب مني أن أعيش معه لكن دون معاشرة وكل واحد منا في غرفة لوحده لأنه يحبني ولا يستطيع الاستغناء عني وعن أطفاله, لكني أرفض هذه الفكرة تماما.
إني أعيش في دوامة وحيرة شديدة وألتمس منكم ان تعطوني حلا يقنعني ويقنع زوجي لأنه شديد الوسواس, سأنتظر ردكم في أقرب وقت ممكن وجزاكم الله ألف خير
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تقدم الجواب عن الطلاق في حالة الغضب، وأنه واقع إذا لم يبلغ الغضب بصاحبه عدم إدراك ما يقول، فراجعي فيه الفتوى رقم: 23251.
فما ذكرته عن زوجك من أنه عندما يكون في أشد غيظه يتلفظ بكلمة "أنت طالق" و"أنت مطلقة مطلقة مطلقة" ثلاث مرات، إذا كان يقول هذه الكلمات وهو في درجة من الغضب لا يعي معها ما يقول فإن الطلاق لا يقع منه.
وإن كان يقولها وهو في درجة إدراك فإن الطلاق يكون واقعا منه، وهو ثلاث طلقات إذا كان يقوله بالصيغة التي بينتها في السؤال.
ومعنى ذلك أنه قد حصلت بينك وبينه بينونة كبرى عند أول مرة قال فيه ذلك اللفظ؛ لأنك ذكرت أنه يكرر الطلاق ثلاث مرات، وجمهور أهل العلم على أن ذلك يكون ثلاث طلقات.
ولو أخذنا برأي من يقول إنه طلقة واحدة –وهو شيخ الإسلام ابن تيمية ومن معه- فإنه إذا صدر منه هذا اللفظ في ثلاثة أوقات تحصل بعد كل منها رجعة، فإن إجماع أهل العلم على أن الثالثة تكون بينونة كبرى.
وقد علمت من هذا أنك لا يمكن أن تحلي لزوجك إلا بعد أن تنكحي زوجا غيره، ويدخل بك الزوج الجديد، لما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي، فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير وما معه إلا مثل هدبة الثوب. فقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك.
مع العلم أنه لا يصح أن يتزوجك ذلك الزوج بنية التحليل، وإن فعل فإنك لا تحلين للمطلق.
وهذا كله على تقدير أن الطلاق كان يصدر من زوجك في حالة يدرك معها ما يقول، (وهو ما توحي به عبارات السؤال)، وأما إذا كان لا يدرك شيئا مما يقول فقد علمت أن الطلاق لا يقع في تلك الحالة، وننصحك وإياه بالرجوع إلى المحاكم الشرعية في بلدكم.
والله أعلم.