السؤال
أنا أعيش لوحدي في بلد عربي مسلم أعمل في شركة كلها رجال، ولا تربطني بهم إلا الزمالة، وبطبعي أميل إلى الوحدة اعتقد أني لست اجتماعية والسبب من الصعب أن أصادف صديقات بمعنى الكلمة أرتاح إليهن الكل ثرثارات منافقات نمامات يدفعنني إلى النميمة من غير أن أحس أو أقصد لا يطبقن من الإسلام إلا الصلاة وقراءة القرآن، فأنا مرتاحة لكن ساعات أحس بأني قصرت في عدم اختلاطي بالناس وهو ما أعتقد أنه سبب في عدم الزواج إلى هذا السن فأتضايق جداً، هل أنا مذنبة في العيش لوحدي في بلد غير بلدي وفي الابتعاد عن الناس، وللعلم هذا طبعي من صغر سني؟ جزاكم الله خيراً، كيف أعيش حياة عادية يرضاها الله ويسمع دعائي لما أسأله عز وجل؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشتمل سؤالك على النقاط التالية:
1- كونك تعملين في شركة كل عمالها رجال، وقلت إنه لا تربطك بهم إلا الزمالة.
2- كون جميع الصديقات اللاتي تصادفينهن ثرثارات ومنافقات ونمامات، ولا يطبقن من الإسلام إلا الصلاة وقراءة القرآن.
3- اعتقادك أنك لست اجتماعية.
4- سؤالك عما إذا كنت مذنبة في العيش لوحدك في بلد غير بلدك، وفي الابتعاد عن الناس.
وللإجابة على هذه النقاط نقول: إنه من الخطأ أن تعمل المرأة في شركة كل عمالها رجال، ثم تكون العلاقة بينها وبينهم علاقة زمالة، وذلك لأن الفتنة بين الرجال والنساء من أعظم الفتن، وأكثرها خطراً، كما في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. وروى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
ثم إذا كان جميع الصديقات اللاتي تصادفينهن ثرثارات ومنافقات ونمامات إلى آخر ما ذكرته.... فالخير أن تبقي بلا صديقات -قطعاً- إذا كنت لا تجدين غير هذا النوع من الصديقات، وذلك لأن مخالطة رفقاء السوء خطر عظيم وبلاء مبين، يعرض المرء للمفاسد والمخاطر المختلفة في الدنيا والآخرة، ويكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من جليس السوء بقوله: مثل الجليس الصالح ومثل الجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحاً خبيثة. رواه البخاري ومسلم. وفي حديث آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل، ومن يصاحب.
ثم اعلمي أن من وصفتهن بأنهن لا يقمن من الدين سوى تلاوة القرآن وأداء الصلاة.. لو كان حالهن كذلك لما كانت أخلاقهن على الوجه الذي وصفته، لأن تلاوة القرآن وآداء الصلاة لهما تأثير بالغ في تحسين سلوك المرء، قال الله تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:45}، ثم ثقي بنفسك، ولا تعتقدي أنك لست اجتماعية إلى هذا الحد، لأن ذلك وسواس قد يحرم المرء من العيش بسعادة وبشكل طبيعي.
وأما عن النقطة الأخيرة فإن مجرد الابتعاد عن الناس للأمن من خطرهم، والعيش في بلد غير البلد الأصلي لا يعد -في حد ذاته- ذنباً، وإنما الذنب فيما ذكرته من العمل مع الرجال والزمالة معهم، وقد يكون ثمت ذنوب أخرى إذا كنت تسافرين من ذلك البلد أو إليه بدون محرم، أو كان سكنك يمكن أن يجلب لك فتنة أو يؤدي بك إلى الوقوع في أمر محرم، وعلى أية حال، فإن عليك أن تتوبي إلى الله من هذا العمل، وأن تسعي في عمل يجنبك ما ذكرته من الاختلاط المحرم.
والله أعلم.