السؤال
علمت بأنه لا يوجد توارث بين المسلم وغير المسلم ، ووالدي غير مسلمين وليس لهما ذرية إلا أنا فهل أطلب منهما أن يخرجاني أنا وأولادي من جملة الورثة ، أم أسكت عن هذا الأمر ؟ وأنا لا أدري هل تركا وصية أم لا كما لا أعرف كيف سيكون رد فعلهما إن طلبت منهما ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال :" لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " رواه البخاري ومسلم وانظري الفتوى رقم: 83407.
ولا داعي لأن تطلب الأخت السائلة من والديها إخراجها وأولادها من جملة الورثة ، بل ربما يسبب ذلك لهما ضيقاً ونفوراً ، والمسلم مطالب بالإحسان لوالديه ولو كانا مشركين ، كما قال الله تعالى:" وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون " (لقمان : 15) فأمر تعالى بصحبة الوالدين المشركين بالمعروف ، وليس من المعروف أن يغضبهما أو يؤذيهما. والذي ننصح به الأخت السائلة أن تجتهد في نصح والديها ودعوتهما إلى الإسلام بالحكمة والأسلوب الحسن اللائق بهما كوالدين ، ولتستعن على ذلك بالله تعالى ولتكثر من دعائه لعل الله تعالى أن يستجيب لها وتكون سبباً في إنقاذ والديها من النار.
وأخيراً ننبه إلى أنه إذا أوصى الوالدان المشركان بشيء من التركة لولدهما المسلم فإنه يجوز للولد أخذ ذلك المال لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ منع التوارث بين المسلم والمشرك ولم يمنع قبول الوصية .
قال ابن قدامة في المغني :" وتصح وصية المسلم للذمي ، و الذمي للمسلم .....ولا تصح إلا بما تصح به وصية المسلم للمسلم ، ولو أوصى لوارثه أو لأجنبي بأكثر من الثلث وقف على إجازة الورثة كالمسلم سواء " أ.هـ.
هذا ومما يجدر التنبيه له أن التركة في الإسلام ثابتة ولو لم تقع وصية بها فهي حق فرضه الله في مال الميت لأناس معينين ، تجمعهم بالميت علاقة خاصة كأن يكونوا أبناءه أو زوجاته ...الخ ، وأما الوصية فإن الإسلام حددها بغير الوارثين كما في حالتك ، وحدد لها سقفاً لا تتجاوزه وهو الثلث، فإن كانت بأكثر من الثلث ، رد الزائد ما لم يجزه الورثة البالغون الرشداء ، فإن كان هناك غير البالغ الرشيد لا يمضي في نصيبه ويحز في نصيب غيره .
والله أعلم .