السؤال
يوجد أم عندها ثلاثة أولاد وبنت هذه الأم تحمل أولادها الكثير من الديون لأسباب غير ضرورية وإنما هي كماليات ومظاهر لحد أنه من الممكن أن تطلب بعض المال من أحد أبنائها ولم يكن معه فيضطر أن يستلف لكي يعطيها ما تريد ومن الممكن أن تصل ديون ابنها إلى (300000)، مع العلم بأن ابنها متزوج وعنده الكثير من الأبناء وهذه الديون تؤثر علي مصروف البيت بحد كبير بحيث في بعض الأحيان لا يكون هناك مصروف للبيت لا للأشياء الضرورية مثل الأكل ومتعلقات البيت الضرورية وليس الكماليات وهذا الابن لا يستطيع أن يقول لأمه أو أبيه لا، مع العلم بأنه مريض بسبب الديون والتفكير، فهل إن كان غير قادر مادياً فهل عليه أن يستلف لكي ينفذ طلبات أمه غير الضرورية بل أكثرها كماليات ومجاملات ومظاهر كذابة، فنرجو من سعادتكم أن تتوسعوا في هذ السؤال لأنه يوجد أمهات يتحكمن في زوجات أولادهم في جميع الأمور كأنها هي الزوج ولا بد من زوجات أولادها أن يجلسوا معها طول اليوم وأشياء كثيرة بحيث لا يمكن للزوجة أن تراعي زوجها أو أبناءها وبيتها وتمنع زوجات بنائها من الحجاب أمام جميع أقربائها لكي لا يفرقوا الجلسة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت تلك الأم غير محتاجة إلى ما تسأله أبناءها فالأصح أنه لا يجب عليهم أن يدفعوا لها جزءاً من مالهم، إذا كان بأيديهم، ومن باب أولى إذا كانوا يستدينونه، ولكن الله أمر ببر الأم، وقرن حق الوالدين بحقه، فقال: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان:14}، وقرن شكره جل وعلا في هذه الآية بشكر الوالدين، كما قرن النهي عن عبادة غيره جل وعلا بالأمر بالإحسان إلى الوالدين، وهذا حيث يقول: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23}، مما يدل على أن أمر الوالدين عظيم عند الله جل وعلا، وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
فعلى أولئك الأبناء أن يسعوا في مرضاة أمهم، ولو كانت مرضاتها لا تنال إلا بدفع بعض المال إليها فينبغي أن يبادروا إلى ذلك، إن كان ما تريده عندهم لا يؤثر على نفقاتهم الواجبة عليهم لأبنائهم وعيالهم، ولا ينبغي أن يستدينوا لذلك، وليعتذروا إليها بما يليق من القول الحسن والعبارات الجميلة إن سألتهم ما لا يملكون.
وعليهم أن يحذروا كذلك من بعض الزوجات اللائي يردن التفريق بين الأبناء وأمهاتهم، ويردن السيطرة عليهم وألا يتصرفوا إلا بما يملينهن عليهم، فالله جل وعلا يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ {التغابن:14}، والذي نراه وننصح به هو التوسط في ذلك فلا يشقون على أنفسهم في تلبية رغبات الوالدين الزائدة عن المعتاد، ولا يهملونها حتى لا تكسر خواطرهم، وكان بين ذلك قواماً، فيعطونهم ما يستطيعون، ولا يكلفوا أنفسهم ما لا يطيقون.
كما يجب عليهم أن يحذروا من تضييع العيال والتقصير في حق من تجب نفقته ورعايته كالزوجة والأبناء لقوله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود، وصححه السيوطي والنووي، وحسنه الألباني.
فكما للوالدين حق فللزوجة والأبناء حق أيضاً، وكل سيسأل عنه المرء يوم القيامة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأب راع في بيته ومسؤول عن رعيته... الحديث متفق عليه.
ومع تأكد حق الأم والوالدين جميعاً والحث على طاعتهما وبرهما فإنه لا طاعة لهما إذا أمرا بمعصية، فأم الزوج أو والده إذا أمره هو بمعصية فإنه يأثم إذا أطاعهما فيها، فما بالك بزوجة الابن التي لم يوجب الشرع عليها طاعة أم زوجها ولا والده، فالحذر الحذر من طاعتها إذا أمرت بخلع الحجاب أمام غير المحارم أو غير ذلك مما لا يجوز.
والله أعلم.