السؤال
هل عندما يكون الإنسان على جنابة يعتبر نجسا, وهل النوم على الجنابة فيه ضرر على الإنسان كأن يتعرض لكوابيس أو أحلام أو مس بسبب بقائه على جنابة, لأني كما أعلم أن الجن يستطيعون أن يدخلوا الإنسان الجنب أو يصيبونه بالمس أو شيء من هذا لا أعلم بالضبط، وبالنسبه للاغتسال من الجنابة كيف يغتسل الشخص ويبقى على وضوئه بحيث إنه لا يلمس شيئا من عورته، مع العلم بأن الماء يجب أن يصل إلى كل مكان في الجسم وتحت العضو الذكري وهو فقط يحرك الدش على جسمه بدون أن يلمس شيئا من عورته.. وهل لمس المؤخرة باليد ينقض الوضوء.. فأرجو منكم توضيح هذا؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المسلم لا يصير بالجنابة نجساً كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 43210، لكن يكره للجنب أن ينام قبل أن يتوضأ.
أما نومه قبل أن يغتسل فحكمه الجواز ولو ترتب عليه ضرر كلما حصل؛ لما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، فقد روى مسلم عن عبد الله بن أبي قيس قال: سألت عائشة رضي الله عنها... قلت: كيف كان يصنع في الجنابة، أكان يغتسل قبل أن ينام أم ينام قبل أن يغتسل؟ قالت: كل ذلك قد كان يفعل، ربما اغتسل فنام، وربما توضأ فنام، قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة.
لكن النوم على الطهارة الكاملة أفضل وأكمل، ففي صحيح ابن حبان عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بات طاهراً بات في شعاره ملك فلم يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلان فإنه بات طاهراً. صححه الألباني ورواه النسائي أيضاً عن غير ابن عمر، وفي سنن أبي داود والنسائي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب. لكنه ضعيف كما ذكر الألباني.
ثم إنه لا ينبغي للمسلم أن يترك المحافظة على الأذكار الواردة عند النوم سواء نام على الجنابة أم لا، فإن المحافظة عليها تجنبه الكوابيس وتطرد الشياطين والأحلام المزعجة وغير ذلك بإذن الله تعالى، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 70916، والفتوى رقم: 51066.
أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال فإن الجنب إذا أراد أن يغتسل وفي نفس الوقت يريد أن يحافظ على وضوئه بحيث لا يحتاج إلى الوضوء بعد الغسل فعليه أن ينوي الغسل من الجنابة ثم يسمي ثم يغسل يديه ثلاثا ثم يغسل ما أصابه من النجس ثم يغسل فرجه ودبره ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، وليتجنب مس ذكره أو دبره بعد غسلهما لئلا ينتقض وضوؤه، وهنا مسألة نبه عليها بعض فقهاء الشافعية وهو أنه في هذه الحالة لا بد من استحضار نية رفع الحدث الأصغر عن اليدين عند الوضوء بعد غسل الوجه حفاظاً على الوضوء، وذلك لأن جنابتهما قد ارتفعت بغسلهما أولاً قبل غسل الذكر والدبر، ولكن حصل لهما الحدث الأصغر بغسلهما الذكر والدبر قبل الوضوء، ولذلك نبه على ضرورة غسلهما في الوضوء بنية رفع الحدث الأصغر، قال في تحفة المحتاج على شرح المنهاج في الفقه الشافعي: وهنا دقيقة أخرى وهي أنه إذا نوى كما ذكر ومس بعد النية ورفع جنابة اليد -كما هو الغالب- حصل بيده حدث أصغر فقط، فلا بد من غسلها بعد رفع حدث الوجه بنية رفع الحدث الأصغر لتعذر الاندراج حينئذ. انتهى.
ثم بعد الوضوء يحثي على رأسه ثلاث حثيات يروي بها أصول شعره، ثم يفيض الماء على بقية جسده يبدأ بشقه الأيمن ثم الأيسر، ويدلك بدنه مع الاعتناء بإيصال الماء إلى جميع بدنه وشعره، والأصل في ذلك ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ الماء ويدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات، ثم أفاض على سائر جسده ثم غسل رجليه. وفي رواية لهما: ثم يخلل بيديه شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات. ولما في الصحيحين أيضاً عن ميمونة رضي الله عنها قالت: وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم ماء يغتسل به، فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثاً، ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيره، ثم دلك يده بالأرض ثم مضمض واستنشق ثم غسل وجهه ويديه ثم غسل رأسه ثلاثاً ثم أفرغ على جسده ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل قدميه. انتهى.
وأما الغسل المجزئ فيحصل بتعميم سائر بدنه بالماء بما في ذلك ظاهر شعره وباطنه مع النية، أما مجرد لمس المؤخرة فلا ينقض الوضوء، لكنه ينتقض بلمس حلقة الدبر على الراجح، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 19958.
والله أعلم.