السؤال
السيد فضيلة الشيخ أرجو من فضيلتكم نصحي، فأنا واحدة من أربع أخوات، واحدة متزوجة تعيش مع أمنا وثلاثة منا يعملن ونقوم بتسليم الراتب كله لأمنا ومن ثم هي تقوم بإعطائنا مصاريفنا الشخصية وهذا لزام على كل واحدة منا ونحن راضيات تماماً بهذا الوضع الذي يؤمن عيشة مستورة لنا ويوفر إيجار البيت الذي نسكنه، ومشكلتنا هي أن أمنا في بعض الأحيان لا تلتفت لرأينا في بعض الأمور وتصر على رأيها مهما كان في أمور المعيشة فمن إحدى مشكلاتنا هي أننا مدينون لجهة ما (ليس شخصا وإنما مؤسسة) بمبلغ من المال وهذا منذ العام 2000 ولم نسدد منه أي جزء وهذه الجهة لم تسألنا إطلاقاً عن هذا الدين وهذا نسبة لظروفنا وهي أننا في منزل إيجار وأمنا هي التي تصرف علينا، ومع مرور السنين تحسن وضعنا كثيراً والحمد لله وتخرج منا أربع وعملنا والحمد لله وتزوجت إحدى أخواتي وصرفنا في عرسها الكثير وكان من أجمل الأفراح في أسرتنا، كما قمنا بتجديد فرش المنزل ونأكل ونشرب وفي بعض الأحيان ندخر، وكلما ذكرنا أمي بهذا الدين القديم تقول إن وضعنا ما زال صعباً لأننا ما زلنا في بيت الإيجار ونريد شراء أو بناء منزل، ومن جهة أخرى تغضب كثيراً جداً وقد تصل لدرجة البكاء الشديد إذا علمت أن إحدانا قد تصرفت في مالها تصرفاً هي لا تعلمه أو لا تسمح به وتتهمنا بأننا لا نقدر ظروف المنزل، فما هو الحل في رأيك حتى نرضيها وتكون أموالنا حلالاً طيباً؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت هذه الجهة الدائنة قد أبرأتكم من الدين فلا يجب عليكم سداده، وراجعي الفتوى رقم: 56016 .
أما إذا لم تكن قد أبرأتكم منه فإنه لا يزال باقياً في ذمتكم، ويجب عليكم المبادرة بسداده متى ما تمكنتم، وإذا امتنعت والدتكم من ذلك فإنها لا تطاع، فإن الطاعة إنما هي في المعروف، ومعلوم أن المماطلة في سداد الديون ليست من المعروف، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم. متفق عليه.
وفي مسند أحمد عن محمد بن عبد الله بن جحش قال: كنا جلوساً بفناء المسجد حيث توضع الجنائز، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بين ظهرانينا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره قبل السماء فنظر، ثم طأطأ بصره، ووضع يده على جبهته ثم قال: سبحان الله، سبحان الله، ماذا نزل من التشديد؟ قال: فسكتنا يومنا وليلتنا، فلم نرها خيراً حتى أصبحنا، قال محمد: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما التشديد الذي نزل؟ قال: في الدَّين، والذي نفس محمد بيده، لو أن رجلاً قتل في سبيل الله ثم عاش، ثم قتل في سبيل الله ثم عاش وعليه دين، ما دخل الجنة حتى يقضى دينه. وعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها، قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: الدين. رواه أحمد.
والذي ننصح به أن تطلعوها على هذه الفتوى وأن تحاولوا إقناعها ولو عن طريق أحد أهل الخير والصلاح ممن تعرفون، فإن أجابت إلى ذلك فالحمد لله، وإلا فقوموا بسداده ولو بغير إذنها، فإنها إن غضبت فسوف ترضى بعد ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه، وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس. رواه ابن حبان. ومما يعين على ذلك أن تطلعوها على هذه الفتوى.
والله أعلم.