السؤال
خسر أب ذو خمسة أولاد وخمس بنات في البورصة, ولم يكن يملك بعد الخسارة إلا مطعما صغيرا ويسكن في بيت بالإيجار، اتفق هو والابن والبنت الكبرى اللذان يعملان أن يشتروا أرضا ويبنوا عليها منزلا, وفعلا تم ذلك هنا عرض الابن الأكبر على الأب أن يخصص كل دخله ليصرف على هذه الأسرة, ويتفرغ هو وأخته الكبرى بالبناء بالاتفاق على أن البناء المستقبلي هو لجميع أفراد الأسرة، بنى طابقين وسكن وتزوج الابن الأكبر في الطابق الثاني وسكنت بقية الأسرة بالطابق الأول، ومرت السنون وتزوجت البنات وكبر الأولاد، بني بعد ذلك الطابق الثالث من قبل الابن الثاني والثالث وقسم إلى شقتين وتزوج هذان الابنان وسكنا هاتين الشقتين، وفي هذا الوقت مرضت الأم التي كان البيت مسجلا باسمها كاملا, فاقترح الأخ لأكبر أن يأخذ كل شخص قيمة ما دفع ويسجله باسمه, وفعلا سجل الأخ الأكبر الطابق الثاني على أساس أن الفواتير التي يحتفظ بها تقول ذلك، وافق الأخ الثاني والثالث تسجيل الشقتين باسمهما وحصل ذلك، هنا غضب الأب على أساس أن الاتفاق هو أن البناء للجميع, فاضطرت البنت الكبرى للتنازل بكل ما ساهمت للأب الغاضبـ، أعطى بعدها الأب السطح للابن الخامس ليبني عليه مستقبلا الطابق الأخير حسب النظام لبناء بتلك المنطقة, علم الابن الرابع بهذه التفاصيل فهجر هذه الأسرة وسكن بعيداً، هنا أشفق الأب على هذا الابن وأعطاه غرفة في الطابق الأول، السؤال هو: ما رأي الشرع بأخذ الأبناء هذه الشقق، وما هو الحكم في قبول الأب ما دفعته البنت الكبرى وحيازته، والأهم ما هو الحكم في قبول الابن الرابع لهذه الغرفة، وهل يحتفظ بها لنفسه أو يرجعها للأب أو يعطيها للأخت الكبرى التي تنازلت عن ما دفعت لأبيها، علماً بأن الأم توفيت ولا شيء باسمها بعد الوفاة، البنات متزوجات خارج هذا المنزل ولا يطالبن بشيء؟ ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما تم بين الأب وولده وابنته من الاتفاق على الاشتراك في بناء البيت لا يصح لما فيه من الجهالة والغرر، فإن مقدار ما دفعه الأب من رأس المال في بناء البيت مجهول، ومعلومية رأس المال في الشركة شرط لصحتها باتفاق الفقهاء، جاء في الإنصاف من كتب الحنابلة: من شرط صحة الشركة أن يكون المالان معلومين. ومثل ذلك في بقية المذاهب، وإذا فسدت الشركة في البناء فإن الطابقين الأولين من نصيب الولد الأكبر والبنت الكبرى لأنهما بنياهما من مالهما، وعليهما أن يجتهدا في تقدير ما أنفق والدهما عليهما من ماله طوال سنوات البناء فيردانه عليه.
أما الطابق الثالث فهو من نصيب الابن الثاني والثالث لأنهما بنياه من مالهما، وإذا وهبت البنت نصيبها في الطابقين لأبيها فلها ذلك ولأبيها أن يتصرف فيما وهبت له بعد حيازته له بما أحب من أنواع التصرف المشروع سواء بالهبة أو غيرها، لكن يلزمه في الهبة لأحد أولاده أن يعدل في ذلك بينه وبين أولاده الآخرين بحيث يعطي كل واحد منهم مثل ما أعطى غيره، فإذا أعطى أحد الأولاد غرفة فليعط الآخرين كذلك غرفة أو قيمة هذه الغرفة وإلا فليسترجع هذه الغرفة ولا يعطي أحداً منهم شيئاً، هذا فيما يتعلق ببناء الأرض، أما ما يتعلق بالأرض ذاتها فلكل واحد من الأب والابن والابنة من ملكيتها وملكية هوائها بمقدار ما دفع.
وعليه فيثبت للأب إن لم يكن قد وهب هواء الأرض لأولاده، في ذمة كل من الابن والبنت الأكبرين وكذلك الابن الثاني والثالث ما يعادل نصيبه في ثمن المثل لهذا الهواء، وكذلك الحال بالنسبة للابن والبنت الأكبرين يثبت لهما في ذمة أخويهما الثاني والثالث مثل ذلك، وعلى كل حال فالذي ننصح به هو أن يتفاهم الأب مع أولاده وأن يحاول الأبناء قدر المستطاع إرضاء أبيهم، فإذا لم يمكن التفاهم فلا مندوحة من رفع الأمر للقضاء للنظر فيه، وراجع للمزيد من الفائدة والبيان الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52138، 94361 .
والله أعلم.