الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضى الرب من رضى الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد. رواه الترمذي والحاكم وصححه الألباني، وقال الحاكم: هذا صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والحديث واضح الدلالة في أن من أرضى أباه رضي الله عنه، ومن أسخط أباه سخط الله عليه، والحديث عام في كل أب سواء كان مقيماً على طاعة الله أو غير ذلك، فرضى الآباء وسخطهم معتبر إلا أن يسخط الأب على ولده بغير موجب لذلك، كأن يسخط عليه مثلاً لكونه محافظاً على الصلاة في المسجد أو ملتزماً بدينه على وجه العموم.
واعلم أن نفقة الأب الفقير واجبة على أبنائه بالتساوي كل حسب قدرته ويساره، بل إنه إذا لم يكن فقيراً وطلب منك مالاً يحتاج إليه ولم تكن تتضرر بدفعه إليه فيجب عليك أن تدفعه إليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. رواه ابن ماجه وغيره عن جابر بن عبد الله وصححه الألباني.
واعلم أن وصفك لأبيك بأنه يعبد الدراهم يتنافى مع الأدب المطلوب من الابن حيال أبيه، وقولك لأبيك: ليست أفعالك أفعال من يذهبون إلى المسجد هو من العقوق بمكان لا يخفى، وإذا أراد الابن أن ينكر على أبيه أمراً فليس له إلا التعريف والقول اللطيف، على أنه لا يجوز لأبيك أن يفرق بين أبنائه بل يجب عليه أن يعدل بينهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اعدلوا بين أبنائكم. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الألباني والأرناؤوط. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30004، 75548، 7490.
والله أعلم.