الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت المسافة بين المدينتين تبلغ مسافة السفر المعتبرة شرعاً (هي ما يعادل 83 كيلو متراً) جاز لكم جميعاً قصر الصلاة والجمع بين الصلاتين أثناء السفر، وأما عند وصولكم للمدينة التي سافرتم إليها فمن نوى منكم إقامة أكثر من أربعة أيام فإنه يصير في حكم المقيم من أول يوم عند جمهور أهل العلم، ولا يقصر الصلاة ولا يجمعها وهو المفتى به عندنا، وكذا يلزمكم الإتمام إذا كان لكم بها أملاك وأهل، ولو كانت مدة إقامتكم فيها أقل من أربعة أيام، وذلك لأن هذه المنطقة تعتبر الوطن الثاني بالنسبة لكم، وانظر الفتوى رقم: 8805.
وإذا لم يكن لكم فيها أملاك ولا أهل فلكم أن تقصروا الصلاة ولو كان البلد وطنكم الأصلي، وقد نص فقهاء الحنفية على أن من كان له وطن فانتقل عنه واستوطن غيره ثم سافر فدخل وطنه الأول قصر لأنه لم يبق وطناً له، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة عد نفسه بمكة من المسافرين، وهذا هو المفتى به عندنا؛ كما في الفتوى رقم: 8480، وقد أجاز الجمهور أيضاً للمسافر أن يصلي السنن الرواتب والنوافل، وقد بسطنا هذه المسألة بشيء من التفصيل في الفتوى رقم: 25818، وانظر كذلك الفتوى رقم: 5891، والفتوى رقم: 6215 وكلاهما عن أقوال الفقهاء حول مدة القصر والجمع في السفر.
والله أعلم.