الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فابن خلدون واحد من أعظم المفكرين المسلمين ولد بتونس سنة 1332مـ الموافق لسنة 732 هـ، وتوفي بمصر سنة 1406 مـ الموافق لسنة 808 هـ.
وتلقّى ابن خلدون تعليما كاملا كما هي العادة في عصره فأتقن علوما عديدة وبرع في اللغة العربية، ودرس القرآن والعلوم العقلية كالرياضيات والمنطق والفلسفة، كما ألمّ بالفقه.
وقد ألف كتابه الشهير: «كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيّام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر».
قضى المرحلة الأخيرة من حياته في القاهرة عاصمة دولة المماليك التي كانت تضم آنذاك الشام و مصر.
وهناك خصّص جزءا كبيرا من وقته للمطالعة والكتابة إلى جانب شغله لمنصب القضاء وإلقائه دروسا في جامع الأزهر أوّل جامعة أسّست بالقاهرة.
وتفيد آثاره أنه كان رجل دين وفكر وعلم، وأنه كان سنيا في منهجه ومعتقده.
يقول محذرا من الخوض فيما وقع بين الصحابة -رضي الله عنهم-: «فإيّاك أن تعود نفسك أو لسانك التعرض لأحد منهم، ولا يشوِّش قلبك بالريب في شيء مِمّا وقع منهم. والتمِس لهم مذاهب الحق وطرقه ما استطعت، فهم أولى الناس بذلك. وما اختلفوا إلا عن بيّنة، وما قاتلوا أو قتلوا إلا في سبيل جهادٍ أو إظهار حق. واعلم أن اختلاف الصحابة رحمةٌ لمن بعدهم من الأمة ليقتدي كل واحد بمن يختاره منهم ويجعله إمامه وهاديه ودليله. فافهم ذلك وتبيّن حكمة الله في خلقه وأكوانه».
ومن هذا المقال يتضح أنه لم يكن مجرد فيلسوف أو عالم اجتماع، وأنه إنما كان واحدا من علماء أهل السنة.