الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تناول السؤال النقاط التالية:
1. وصية زوجك بالحج عنه، وما إذا كان في الإمكان أن تحجي أنت عنه بدلا من أبيه.
2. ما إذا كان الحج عن الغير يكون بأجرة أم لا.
3. ما إذا كان تأخير الحج عن زوجك فيه إثم عليكم.
4. ما قمت به مع زوجك من تأسيس البيت، وعدم اعتراف أسرة الزوج بما لك من الحق.
5. طريقة التقسيم.
6. ما ذكرته من أن جد أولادك وجدتهم لا يزوران أحفادهما ولا يتفقدان أحوالهم، وأن هذا التصرف قد ترك في نفوس أولادك أثرا كبيرا.
وفيما يخص النقطة الأولى، فإن من مات بعد تمكنه من الحج ولم يحج وترك مالا وجب على ورثته أن يخرجوا من ماله (التركة) ما يحَج به عنه، وهذا مذهب أحمد والشافعي والحسن وطاووس.
قال صاحب الروض: وإن مات من لزماه (أي الحج والعمرة) أخرجا من تركته من رأس المال، أوصى به أو لا. انتهى.
وقال مالك وأبو حنيفة: يسقط فرض الحج بالموت، فإن وصى بها فهي من الثلث، وبهذا قال الشعبي والنخعي.
والقول الأول هو الذي نرى الأخذ به لأنه هو الأقوى دليلا وهو الأحوط.
ثم إذا كان زوجك قد أوصى أباه بالحج عنه ولم يقبل الوالد الوصية، كما ذكرت في السؤال، فلا مانع من أن تجحي عنه أنت إذا حججت أولا عن نفسك، وإن لم تحجي عنه أنت أو يحج عنه أبوه فعليكم بالمبادرة بإخراج مال لمن يحج عنه.
وفي النقطة الثانية، فإن الحج عن الغير يكون بأجرة إذا لم يوجد متطوع يحج عنه مجانا.
وحول النقطة الثالثة، فإن تأخير الحج الموصى به إذا كان سببه هو القوانين التي قلت إنها صارت عرقلة في الحج فإنه لا يكون فيه إثم عليكم.
وفيما يخص ما ذكرته من أنك قمت مع زوجك بتأسيس البيت، وأن أسرة الزوج لم يعترفوا لك بما أنفقته من المال، فجوابه أن من حقك المشاركة في البيت وغيره من متروك زوجك بنسبة ما صرفته فيه، ولكن هذا الحق لا يمكن تحقيقه إلا بدليل شرعي، بأن يكون موثقا توثيقا رسميا، أو تقوم عليه بينة ونحو ذلك. وأما الدعوى المجردة عن الدليل فلا عبرة بها ما لم يعترف بها الخصوم. ففي الحديث الشريف: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم... الحديث رواه الترمذي والبيهقي وبعضه في الصحيحين، كما قال الإمام النووي.
وحول النقطة الخامسة فإن طريقة تقسيم المال الموروث يصح أن تكون بالتراضي إذا رأى الورثة ذلك، وإلا كان القضاء الشرعي هو الذي يتولى ذلك؛ لأنه هو المختص بتحديد الحقوق ورفع الخصومات.
وحول النقطة الأخيرة، فلا شك في أن ما ذكرته عن جد أولادك وجدتهم من إهمال لأمر أحفادهما يعتبر تصرفا منافيا لما تقتضيه العواطف السليمة والأعراف الاجتماعية والأخلاق الإنسانية، وهو أيضا مناف للشريعة الإسلامية. ومع ذلك فإننا نوصيك بأن لا تجعلي ذلك سببا للقطيعة بين أولادك وأجدادهم وأعمامهم. فحببي إليهم أرحامهم، وقربيهم من أقربائهم، وعوديهم زيارتهم، فإن تربيتهم على ذلك تغرس الخير فيهم، وتنمي فيهم حب الفضيلة.
وأمر الدنيا وما فيها أهون من أن يكون سبب انفصام الأسر وتشتيتها.
والله أعلم.