الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق الكلام عن حكم التبني، ولك أن تراجعي في ذلك الفتوى رقم: 16816، والفتوى رقم: 7818.
وقد أحسنت فيما ذكرته من أنك تدعين لأبويك بالرحمة، فإن لهما عليك حقوقاً ولو كانا قد فرطا فيك وحرماك من الإرث، كما أنك أحسنت أيضاً فيما ذكرته من أنك لا تريدين أن تنجزي شيئاً حتى تعرفي ما هو الحكم في ذلك، فإن المسلم لا يحل له أن يعمل عملاً حتى يعلم حكم الله فيه.
وفيما يخص موضوع سؤالك فإن اللذين تبنياك إذا أوصى لك أي منهما بثلث ماله فإن ذلك يصح، ويصير ذلك ملكاً لك بعد وفاته، ولا يصح أن يوصي لك بأكثر من ذلك إلا أن يجيز الورثة الزيادة على الثلث بعد وفاة الموصي، وأما إجازتهم قبل وفاة الموصي فإنها تعتبر إسقاط حق قبل وجوبه، ولهم الحق في الرجوع عنها بعد وفاة المورث، كما ذكر ذلك أهل العلم.
ثم ما ذكرته من أنهما يودان كتابة أملاكهما لك وأن الورثة لا يمانعون ويشجعون على ذلك، فنقول فيه: إن الهبة يشترط لصحتها أن يكون الواهب أهلاً للتصرف، وما ذكرته من حال هذين الشخصين من الشيخوخة إذا كان قد وصل الحد الذي يمنع أهلية التصرف فإن هبتهما معه لا تصح، كما أنه يشترط لتمام الهبة أن تحاز عن الواهب قبل حصول المانع من فقدان أهلية أو موت أو فلس..
فالحاصل -إذاً- أن الهبة لا تتم إلا بما ذكر، وأن إجازة الورثة قبل وفاة المورث ليست معتبرة، وأن حقك في ثلث المال ثابت إذا أوصى لك به.
والله أعلم.