الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكلمة "استفزز" هي صيغة أمر من استفز، والأمر من استفز يجوز فيه استفزَّ واستفزز، كما هو الحال في المضعف فإنه يجوز فكه وإدغامه، قال ابن مالك في ألفيته:
وفك حيث مدغم فيه سكن * لكونه بمضمر الرفع اقترن
نحو حللت ما حللته وفي * جزم وشبه الجزم تخيير قفي
قال ابن عقيل في الشرح: إذا اتصل بالفعل المدغم عينه في لامه ضمير رفع سكن آخره، فيجب حينئذ الفك، نحو: حللت، وحللنا، والهندات حللن. فإذا دخل عليه جازم جاز الفك نحو: لم يحلل، ومنه قوله تعالى: (ومن يحلل عليه غضبي) وقوله: (ومن يرتدد منكم عن دينه). والفك لغة أهل الحجاز، وجاز الإدغام، نحو: "لم يحل"، ومنه قوله تعالى: (ومن يشاق الله ورسوله) في سورة الحشر، وهي لغة تميم، والمراد بشبه الجزم سكون الآخر في الأمر، نحو: احلل، وإن شئت قلت: حل، لأن حكم الأمر كحكم (المضارع). انتهى.
ولهذا الاختلاف قرئ قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ {المائدة:54} بالوجهين، فقرأها المدنيان وابن عامر بدالين: الأولى مكسورة والثانية مجزومة، وكذا هي في مصاحف أهل المدينة والشام وقرأها المكي والكوفيون والبصريان بدال واحدة مفتوحة مشددة، وكذا هي في مصاحفهم.
والله أعلم.