الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنوصيك ابتداءأختنا الفاضلة أن تحذري التسخط على الله تعالى والازدراء بنعمه الكثيرة عليك فنحن على يقين أنك ترفلين في نعم من الله تعالى يفتقدها الكثير من الناس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم. رواه مسلم وغيره.
ثم إننا ننصحك ثانياً أن تهوني الأمر على نفسك، فإنه ربما تكونين تعطين الموضوع أكبر من حجمه الحقيقي، ولا يخفى عليك أن الحياة دار ابتلاء، وهذا الابتلاء قد يكون للصالحين رفعة لدرجاتهم، وقد يكون على الطالحين عقوبة لهم على ذنوبهم، ألم يبلغك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه.
فنوصيك بالصبر والرضا بالقضاء، فعاقبة ذلك خير، واعلمي أن الجزع لا يدفع مرهوباً ولا يجلب مرغوباً، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 18721.
ثم إنه لا ينبغي أن تكون هذه الابتلاءات دافعة لك إلى اليأس والقعود عن طلب مصلحة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، فمما نرشدك إليه هنا السعي في أمر الزواج، فهو من مصالح الدنيا والآخرة، وليس هنالك ما يمنع شرعا من أن تبحث المرأة عن زوج صالح ما دام ذلك في حدود ضوابط الشرع، كما هو مبين في الفتوى رقم: 18430.
وننبه في ختام هذا الجواب إلى أمر مهم وهو أنه لا يجوز للمرء أن يمتن على ربه بما هو عليه من إيمان وعمل صالح، فإنهما منة من الله عليه أن وفقه إليهما، قال تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {الحجرات:17}.
والله أعلم.