الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فصحيح أن من قواعد الترجيح بين البينات أن تقدم البينة المثبتة على البينة النافية. ففي الفواكه الدواني عند قول صاحب الرسالة: (قضي بأعدلهما) قال: ... وكما يقضى بأعدلهما يقضى بالمؤرخة على غيرها, وبالسابقة تاريخا على غيرها, وبالناقلة على المستصحبة, وبالمثبتة على النافية... اهـ
لكن ينبغي العلم بأنه ليس من اللازم أن تكون البينة المثبتة راجحة على النافية في كل حال؛ لأن المثبتة قد تكون أقل عدالة من النافية، وقد تكون النافية أوضح دلالة فيما شهدت به.
وقد يعلم القاضي من حال الخصوم ما يجعله يسقط شهادة تلك البينة لما يعلمه عنها من عدم العدالة، أو من العداوة للمشهود عليه... ونحو ذلك.
ثم اعلم أن الأحكام تتقرر بحسب ما يحكم به قاضي البلدة التي هو فيها، إذا استند فيه إلى دليل قوي. ولا يجوز لقاض آخر ولا لمفت أن يخالف ما حكم به القاضي في المسألة التي حكم فيها ما لم يكن هنالك دليل واضح على دحض الحجة التي استند لها الحكم أو مخالفة الحكم لإجماع منعقد أو نص واضح من كتاب أو سنة أو مخالفة قياس واضح، فإن وجد شيء من هذا رفع الأمر إلى المحاكم المختصة لتراجع حكم المحكمة الأول.
وعليه، فننصح بالرضا بما حكمت به المحكمة؛ لأن الأحكام القضائية إنما أريدت لقطع الخصومات ورفع النزاع.
والله أعلم.