الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
وبعد فإن الصحيحين تلقتهما الأمة بالقبول. فجميع ما فيهما من الأحاديث المسندة صحيح عند أهل العلم، ثم إن الأحاديث المقبولة سواء كانت صحيحة أو حسنة إن سلمت من المعارضة فهي محكمة يجب العمل بها، وأما إذا عارضها غيرها فيعتبر المتعارضان عند أهل الفن من المختلف، والمختلف ألف فيه الإمام الشافعي، ثم ألف فيه ابن قتيبة.
وقد ذكر أهل المصطلح أن المتعارضين إن أمكن الجمع بينهما تعين الجمع لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، فإن لم يمكن الجمع نظر فيهما، فهل يمكن أن يكون أحدهما ناسخا للآخر فيعمل بالناسخ ويترك المنسوخ، فإن لم يعلم أن أحدهما ناسخ للآخر فيفزع إلى الترجيح، ووجوه الترجيح أكثر من خمسين وجها، فإن تبين رجحان أحدهما عملنا بالأرجح، وليس في هذا غض من الصحيح، غاية ما في الأمر أنه قدم الحديث الأرجح على غيره.
وراجع للبسط في الموضوع مقدمة ابن الصلاح وشروح ألفية العراقي.
والله أعلم.