خلاصة الفتوى:
طلب المرأة للطلاق من زوجها - الذي يضر بها ويسيء معاملتها أو يمنعها من حق واجب له عليها - جائز، ويجب على الأب أن يؤدي جميع مستلزمات أولاده الصغار الذين لا يملكون مالا يقام بمستلزماتهم عليهم منه، وقول الوالد لأولاده ليسوا أولادي وقطعه لرحمهم منكر عظيم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقول الرجل المذكور (ليسوا بأولادي ولا أريدهم) إن كان يقصد نفيهم والتبرأ منهم فهو منكر عظيم وذنب كبير، إذ قد قال بعض العلماء بأنه قذف لأم الأولاد، والقذف كبيرة من كبائر الذنوب ويوجب الحد على القاذف، وإن كان من الزوج لزوجته، فلا بد أن يأتي بأربعة شهداء كما في الآية على ما قذفها به أو يلاعنها، وتراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17640، 57330، 7105 علماً بأن هذا الرجل ليس له أن يلاعن زوجته بعد سكوته، وفعله ما يدل على رضاه بلحوقهم بنسبه، قال البهوتي: ومن شرطه أي نفي الولد أن لا يوجد منه إقرار ولا دليل على الإقرار فإن أقر به أو أخر نفيه مع إمكان لحقه نسبه وامتنع نفسه.
هذا مع الوعيد الشديد في نفي الولد دون بينة ويقين لقوله صلى الله عليه وسلم: وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين. رواه أبو داود. وفي عون المعبود شارحاً له: جحد ولده أي أنكره ونفاه وهو ينظر إليه أي الرجل ينظر إلى الولد وهو كناية عن العلم بأنه ولده أو الولد ينظر إلى الرجل ففيه إشعار إلى قلة شفقته ورحمته وقساوة قلبه وغلظته، احتجب الله عنه أي حجبه وأبعده من رحمته وفضحه أي أخزاه على رؤوس الأولين والآخرين. اهـ
وهذا كله على فرض أنه قصد نفي أولاده. وأما إن كان قوله ذلك يقصد أنهم غير متعلقين به، وإنما هم أبناء أمهم في تعلقهم بها ونحو ذلك، فلا ينبغي له قول ذلك لما قد يفهم منه ولا يبيح له هجر زوجته وتضييع أولاده وعدم النفقة عليهم، وهو آثم بتقصيره ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. متفق عليه. وعليه أن يؤدي ما يجب عليه لك ولأبنائك من حقوق، فإن لم يفعل فلك رفعه للقضاء ليلزمه بذلك. وللفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 33363، 94942، 8497.
والله أعلم.