خلاصة الفتوى:
لا ندري هل كانت الحمامات موجودة في زمن يعقوب عليه السلام أم لا.
ولا يجوز قول ما يتضمن التشكيك في أنساب أبناء الأنبياء، ولا غيرهم، ومن شكك في أن أحد إخوة يوسف المذكورين في القرآن ليس ابناَ ليعقوب فقد افترى، ويخشى عليه من أن يكون معارضا للقرآن ولا يخفى ما في معارضة القرآن. وما استدل به في السؤال على هذه الأوهام لا حجة فيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا لا ندري هل كانت الحمامات المذكورة موجودة في ذلك الزمان، أم لا، وما كان ينبغي للسائل أن يشغل باله بهذا السؤال فضلا عن أن يطرحه ويستدل له؛ وذلك لأنه يتضمن القدح في أنساب أبناء الأنبياء بحجج أوهى من بيت العنكبوت، كما يتضمن تكذيب القرآن، وتكذيب شيء مما جاء به القران مع العلم كفر والعياذ بالله.
فعلى الأخ أن يحذر من هذا الوساوس الشيطانية، وليشغل نفسه بتعلم ما ينفعه من أمر دينه، وليكن ذلك بالتلقي من أهل العلم، فالله سبحانه وتعالى قد ذكر أن هؤلاء الذين فعلوا بيوسف ما فعلوا هم إخوة له، ومن المعلوم في القصص وكتب التفاسير أنهم إخوته لأبيه لأن شقيقه الوحيد لم يكن حاضرا، ولا يجوز لأحد أن يشكك في نسبة أحد من عامة الناس إلى أبيه، فكيف بأبناء الأنبياء!! فكيف بمن ثبت نسبه في القرآن!! ومن زعم أن في هؤلاء من ليس من أبناء يعقوب عليه السلام فإنه يعارض القرآن، فالقرآن يقول إن هؤلاء أبناء يعقوب إخوة يوسف، والمشكك يقول يحتمل أن يكون فيهم من ليس ابنا له، هذا مقتضى ما تضمنه السؤال.
فالحذر الحذر من الافتراء والخوض في مثل هذا بل و فيما جرى بين يوسف وإخوته على أساس الغض منهم أو النيل منهم، فإن يوسف نفسه قد استغفر لهم وأكرمهم وقربهم وصفح عنهم، وقد قيل إنهم أنبياء، وإن كان الصحيح أنه لم يدل دليل على أنهم أنبياء؛ كما ذكر القرطبي وابن كثير.
ثم إن علة النهي عن الاغتسال في الماء الدائم ليست كما ذكر في السؤال، بل العلة في النهي عن ذلك كما قال العلماء لئلا يصير بالانغماس والاغتسال فيه مستخبثا بتوارد الاستعمال فيبطل نفعه، ولا سيما إذا تكرر ذلك فيه. قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود عند الكلام على الحديث المذكور ونصه: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من الجنابة. وقد استدل بهذه الأحاديث على أن الماء المستعمل يخرج عن كونه أهلا للتطهير لأن النهي ها هنا عن مجرد الغسل، فدل على وقوع المفسدة بمجرده، وحكم الوضوء حكم الغسل في هذا الحكم. وقالوا: والبول ينجس الماء فكذا الاغتسال لأنه صلى الله عليه وسلم قد نهى عنهما جميعا. وذهب بعض الحنفية إلى هذا وقال: إن الماء المستعمل نجس، وأجيب عن الاستدلال بحديث الباب بأن علة النهي ليست كونه يصير مستعملا بل مصيره مستخبثا بتوارد الاستعمال فيبطل نفعه، ويوضح ذلك قول أبي هريرة: يتناوله تناولا، فإنه يدل على أن النهي إنما هو من الانغماس لا عن الاستعمال، وإلا لما كان بين الانغماس والتناول فرق. انتهى.
فالحذر الحذر أيها الأخ من القول على الله وعلى رسوله بلا علم فذلك من كبائر الذنوب كما قال الله عزوجل: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ. {الأعراف:33}.
والله أعلم.