خلاصة الفتوى:
لا يجوز الابتعاد عن الوالدة وهجرها بحجة عدم الشعور بالحنان من جهتها أو لعدم حسن سلوكها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الفراق كل هذه المدة لا بد أن يكون له أثر على شعورك وشعور أمك، تجاه بعضكما، وهذا غير مستغرب، وسرعان ما سيعود الشعور المفقود سواء منك تجاهها أو منها نحوك، وأما سلوكها فإن كنت تقصد أن فيه ما لا يرضي الله عز وجل فيمكنك نصحها، وعلى كل حال فإنها تبقى أمك حملتك وعانت أثناء ولادتك وربتك حتى وصلت سن ثلاث سنين ولم يكن لها ذنب في فراقك، بل ربما أنها عانت من بعدك، وذرفت الدموع على فراقك، فلها حق عليك عظيم، وقد أوصاك الله بها، فعليك أن تؤدي هذا الحق، وتطيع الله عز وجل في البر بها ومصاحبتها في الدنيا معروفاً، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23-24}.
وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14-15}.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
وفقك الله لما يحب ويرضى وأعانك على بر والدتك.